Tuesday, December 26, 2006

عمار يا مصر بقلم:عدلي برسوم

تعود أناس كثيرون في آخر يوم من العام المنتهي أن يمزقوا كل الأوراق التي تجمعت في أدراج بيوتهم أو مكاتبهم. يتخلص الناس من أوراقهم القديمة عسي أن تحمل لهم الأيام الجديدة أوراقاً أفضل تجدد حياتهم بالأمل والستر وراحة البال. ولاشك أن هناك أناساً لا يملكون أوراقاً.. لأن حياتهم جافة أو باردة أو راكدة أو ليس فيها شروق أو غروب. والستر في قاموسنا المصري هي الورقة التي يرجوها غالبية المصريين مع مطلع كل عام جديد.. والستر مطلب شديد التواضع.. وهو أن يكون المرء في مصالحة يومية مع لقمة الخبز.. وهو المستوي الذي يتيح له أن يجد عشاء متواضعا لأولاده وأن يوفر لهم الملابس التي يذهبون بها إلي المدرسة الحكومية وأن يستطيع أن يعطيهم العيدية في العيد ولو قروشا قليلة! والباحثون عن الستر لا يمرون أمام واجهات المحلات التي تبيع العطور أو التي تفوح منها رائحة الحلوي الشهية.. أو التي تعرض الملابس الراقية التي يتخفي بداخلها اللصوص! الباحثون عن الستر هم المصريون الذين يفضلون الصلاة في خصوصية هادئة.. وهم الذين لا يحملون كروت الائتمان ولا يدخلون البنوك ولا يشاهدون القنوات الفضائية المشفرة.. وتقتلهم الحسرة حين يحول الاحتكار الفضائي بينهم وبين مشاهدة مباراة يلعبها الأهلي أو منتخب بلدهم.. ويعرفون شرم الشيخ من صور الصحف وأحياناً يتصورون أن القناطر الخيرية تبعد عنهم ألف ميل! وهؤلاء لا يملكون أوراقاً.. حتي أوراق الصحف التي تتجمع لديهم بالمصادفة يبيعونها لبقال الحارة مقابل قطعة صابون! وهؤلاء الباحثون عن الستر لا يملكون أبداً خطابات غرام لأن الفقر يسد أبواب الحب.. وليس في بيوتهم مستندات لأنهم بدون حقوق! كل ما لديهم من أوراق هي فواتير الكهرباء والغاز والتليفونات والمياه والصرف الصحي.. هذا إذا استطاعوا أن يخدعوا الحياة ويسكنوا خارج العشوائيات. وهي فواتير كثيراً ما تصيبهم بالصدمة لأن الحكومة ترفع أسعار الكهرباء والمياه سراً.. ربما لأنها تشعر بأن ما تفعله حرام وعيب وأنه لا يليق بحكومة أن "تخم" الناس. *** أوراق الغلابة هي الفواتير الشهرية التي تسبب لهم وجع القلب.. ولذلك لا يستطيعون التمييز بين عام يمضي وعام يأتي.. لأنهم في كل عام يدفعون مقابل الصرف الصحي الذي يخوضون في مياهه وهم يدخلون ويخرجون من بيوتهم.. وهم يدفعون مقابل النظافة وهو في الحقيقة مقابل ارتفاع أكوام القمامة. ومن عادة الباحثين عن الستر الاحتفاظ بهذه الأوراق أي الفواتير عاماً بعد عام خوفاً من أن تطالبهم الحكومة مرة أخري بما سبق أن دفعوه! لان لديهم شكوكا مزمنة ومخاوف مترسبة وفقدان ثقة وهي شكوك ومخاوف وانعدام ثقة تكبر مع الفقر والقهر! والشعوب التي تمزق أوراقها القديمة في مطلع كل عام جديد هي شعوب لديها قدر معقول من الأمل.. ولديها تفاؤل ولو بمقدار قيراط واحد. وكثيرون بين الباحثين عن الستر وجدوا أبواب الأمل مغلقة في وجوههم حين قيل لهم "أنتم فاشلون لا تصلحون حتي لجمع القمامة.. وسوف نأتي بأجنبي يعلمكم ذلك" وكان ذلك بمثابة تهديد فعلي بأن يستوردوا من الخارج من يعلمنا الأدب والنظام والإنجاب. ووجد طلبة الجامعات أن أبواب المستقبل قد لا تسمح لكثيرين منهم بالمرور إلي عام أفضل حين قبل للفقراء منهم لا يليق بكم سوي المناهج القديمة المتخلفة أما العلوم الحديثة والتكنولوجيا الراقية سوف ننشيء لها أقساما جديدة لا تقدرون علي مصروفاتها. قيل لهم ما معناه ستكونون خدماً وفراشين للصفوة التي تتعلم بفلوسها! ولم يعد هناك فرق بين عام تعيس يمضي وعام تعيس يأتي. ونفس الإحساس ينطبق علي الذين سمعوا وزير التجارة والصناعة يقول إن الإصلاح الاقتصادي سيكون له ضحايا كثيرون.. ومن منا لا يتوقع أن يصبح واحدا من هؤلاء الضحايا.. فكيف يكون الجديد أفضل من العام القديم؟ والذين لا يعنيهم لون الرغيف الذي يعيش عليه غالبية المصريين والذين لا تهمهم اضرابات عمال الاسمنت ولا تمسهم من قريب أو بعيد مشكلة البطالة.. والذين يسخرون من الذين يشكون من ارتفاع الأسعار.. والذين لا يقلق بالهم هبوط الغناء والسينما والمسرح وتناسق الالوان الجميلة.. هؤلاء هم الذين يرتدون الطراطير الملونة ويضعون الأقنعة علي وجوههم لانهم مطمئنون للعام الجديد كما اطمئنوا في العام القديم.. لانهم يملكون الخيوط التي تحرك السعادة لهم وحدهم. أما المعدمون والباحثون عن الستر والسهرانين في استقبال الفجر.. فإنهم يقفون علي أعتاب العام الجديد بدعاء واحد أن تخرج مصر كلها إلي النور. وكما يتمنون الستر لأنفسهم ولأولادهم فهم يتمنون الستر أكثر وأكثر لبلدهم فليس معقولا أن تنقسم الحكومة علي نفسها بشأن منطقة الضبعة.. رجال الاعمال يريدونها لأنفسهم لإقامة منتجعات سياحية بالغة الترف من أجل عيون الغارقين في النعيم وكأنه لا يكفيهم ما هو قائم لهم في شرم الشيخ والغردقة والمدن الجديدة القاصرة عليهم وحدهم. وعلي الجانب الآخر يريدها المصريون قاعدة للمحطة النووية التي سوف تعطي مصر امكانيات هائلة للتحديث وتوفر لها الطاقة الهائلة التي تحقق القوة والعزة. وتري من سوف ينتصر في العام الجديد؟ أولاد مصر أم الذين يرتدون الطراطير والأقنعة الزائفة في سهرات العام الجديد؟ ولعل بسطاء المصريين يحلمون مع العام الجديد أن يسمعوا رأياً واحداً بالنسبة للكادر الخاص للمعلمين مسئولون يقولون إنه للمعلمين فقط أي الذين يمسكون بالطباشيرة وآخرون يقولون إنه سيشمل أيضا الاخصائيين الاجتماعيين. ويسأل بسطاء المصريين لماذا لا يشمل الكادر هؤلاء وهؤلاء لتكون هذه الخطوة المتواضعة من حظ قطاع واسع من المشاركين في العملية التعليمية فلا أحد يعلم ما سوف يحمله العام الجديد من غلاء جديد! *** محمد حامد حسن .. وداعاً عندما تنطفيء شمعة بجوارك عندما يخلو مقعد من روحه الطيبة عندما يخبو النور في غرفة كانت دافئة بشبابها. عندما يسقط القلب لرحيل صديق وصمت قلم. إذن.. لا طعم لعام جديد.

Friday, December 22, 2006

رسوم أكثر زبالة أكثر

المساعى المشكورة لإكثار القمامة ودعم البعد الحضارى
مع أننا فى عصر الإلكترونات والقرية الذكية والحكومة الأكثر ذكاء وبالرغم من البيانات الفظيعة التى تتحدث عن قفزات التنمية ونطات التقدم الاقتصادى الذى يرفرف على ربوع الوطن، فإن مصر بكل تاريخها العريق وحكومتها العميقة وحزبها الوطنى الديموقراطى بفكره الجديد المقلم والكاروهات. كل هذه الهيلمانات ونعجز عن حل أزمة النظافة، أو جمع القمامة. الحكومة ومعها المحافظون بمجالسهم وجلساتهم، ابتكرت أحدث وسائل النشل لسرقة أموال المواطن أضافت رسوم النظافة على فواتير الكهرباء وإيصالات الإيجار وعوائد المحليات وتجمع الملايين والمليارات، والشوارع تزدحم بالزبالة والذباب والمجارى. وتتكوم القمامة لتقف هرما شاهدا على نظافة الحكومة وحزبها والحزب وحكومته والمجتمع والناس. ومازالت الزبالة تتحدى والمحافظون يحافظون على منسوب الزبالة. ويكثرونها، وكلما جمعت الأجهزة المعنية رسوما إضافية للقمامة، تضاعفت الأكوام، وكأن الأموال تستخدم فى إنتاج الزبالة وليس جمعها. ولا تخلو محافظة من محافظات مصر من تكدس للقمامة بكل أشكالها وأنواعها كدليل على البعد الحضارى للحكومة ومحافظيها، ولا يمر يوم دون أن يصرح محافظ الجيزة أو القاهرة بأنه فى طريقه لمواجهة الأزمة بكل صرامة، ويتم فرض مزيد من الرسوم دون أن تنخفض معدلات القمامة لدى الحكومة أو محافظيها. ولا أراكم الله مكروها فى قمامة لديكم

أعمق إجرامًا وأكثر فسادًا

الحزب الوطنى التوربينى فكر جديد نحو المستقبل
بسرعة تحول رمضان عبد الرحمن منصور الشهير بالتوربينى إلى شخصية شهيرة، تتفوق على كل نجوم الإعلام ووزراء الاستثمار وعمر أفندى، فالشاب اغتصب وقتل وألقى بالجثث من فوق القطارات ودفن بعضها ومثّل بالبعض الآخر، كثير من المعلقين أبدوا دهشتهم ورعبهم من ظاهرة التوربينى بالرغم من أنه وأمثاله متوفرون فى الأسواق والشوارع طوال الليل. لكن الدهشة الرئيسية هى أن التوربينى بالرغم من أنه أحد رواد الفكر الجديد لم يثبت حتى الآن أى علاقة له بالحزب الوطنى، الذى يضم بين جوانحه جميع ممثلى الفكر الجديد. ليس فى القتل ولكن فى الاحتكار والفساد والبطلان وغيرها من مفردات الفكر الجديد. ومن الصعب تصور أن التوربينى لم يمر يوما على الحزب الوطنى ولم يشارك فى وضع أى من برامج مؤتمراته العامة التى تنعقد عادة فوق قطار البلد.ومع أن التوربينى صاحب نظرية فى الإجرام. إلا أنه يتضاءل أمام عشرات التوربينى المنتشرين فوق قطارات البلد من كل جانب. وضحاياهم متناثرون فى الطرق وتحت الكبارى وفى المقابر وصناديق القمامة، فضلا عن قاع البحر الذى يحتضن ضحايا ممدوح التوربينى وأصدقاءه فى البرلمان أو الإعلام. وإذا كان التوربينى احتل الصورة وحده وانتزع لنفسه شخصية العام، بالرغم من أن كثيرا من زملائه وشهود قضيته لا يقلون عنه إجراما ولا عنفا. فإن الحزب الوطنى بسياساته ومؤتمراته وأعضائه، يستحق أن يكون الحزب التوربينى الأول ليس فى مصر ولا أفريقيا ولكن فى العالم جمعاء.

انظر فى نصف الكوب الفارغ الأول وتأمل

الإنجازات فى البعيد العاجل.. والمواطن سيحس بها
بمناسبة اقتراب الذكرى السنوية الأولى لتولى الدكتور أحمد نظيف رئاسة الحكومة الثانية، فإن الشعب المصرى يتذكر بكل الفخر والتباهى الإنجازات المهولة التى فعلتها الحكومة المذكورة فى مصر من ارتفاع الأسعار إلى تضاعف أرقام العاطلين والمتضخمين والمرضى. الأمر الذى يؤكد نجاح برنامج الدكتور أحمد ووزرائه من كبار أساطين الفكر الجديد الطالع من قاع المحيطات. وكل يوم يمر تتأكد الرؤية العميقة للحكومة وتتكشف الأغطية عن الإنجاز تلو الإنجاز، بشهادات مضروبة من مؤسسات دولية للتطعيم والايزو.وتعود الإنجازات المذكورة، إلى القراءة العميقة التى قامت بها حكومة الدكتور نظيف، لبرنامج الرئيس، وقد علمنا أن حكومته خصصت حصصا للقراءة والمطالعة، يقوم فيها الوزراء بتسميع برنامج الرئيس على رءوس المرضى، والعاطلين ليتم الشفاء والتوظيف بقدرة قادر. فالبرنامج مبرمج والنتائج التى تحققت تجاوزت المأمول ودخلت فى المعمول. وانداحت نحو التعاضد الانكماشى للإنجاز المهلك. وهناك أزمة بسيطة هى أن المواطن لا يشعر بهذه الإنجازات، على المدى القصير والحاضر، لكنه ربما يشعر بها بعد عمر طويل إن كان له عمر، مثلما أعلن أمين لجنة اللجان والسياسات بالحزب الوطنى الماضى المستمر. ولا يمكن للحزب أن يعترف بكون الفساد والفشل هما السبب فى أن المواطن لا يحس بأى إنجاز من تلك التى تتغنى بها فرقة التصريحات، ولا بالشهادات التى تجهد الجهات المعنية نفسها فى البحث عنها من مؤسسات دولية، تشيد بفداحة الإنجازات، وتبشر المواطن بحياة خضراء عليه وعلى أهله فى القريب البعيد غير العاجل. أو فى المشمش. فالحكومة وحزبها الوطنى يراهنان على الزمن، وأقرب الأجلين، للمواطن طبعا. ولا تجد قيادات الحزب الحاكم من أمثال الأستاذ جمال مبارك وزملائه فى حضانة المستقبل السياسى أى شبه بين ما يقولونه وما سبق أن أعلنه الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق الذى كان يصرح ويتحدث ويعد مثلما يفعلون الآن ويقول إن الشهادات الدولية تشيد بسياساته والجهات العالمية تفرح بإنجازاته ولما رحل أعلنوا أنه كان يقود حكومة من الفاشلين مع أن نصف الحكومة الحالية من أعمال واكتشافات عبيد. والأمر حسب رؤية السيد أمين السياسات أن الحزب الحاكم وحكومته فشلا فى تحسيس المواطن بحجم الإنجازات، مع أنها ليست إنجازات سرية، أو تدور فى بلد آخر، ونتائجها الواضحة هى ارتفاع الأسعار وسوء الأحوال، والعجز والمرض والبطالة، وكلها إنجازات تستحق أى حكومة عليها جائزة الخراب المستعجل. لكن على كل الأحوال على المواطن ألا يشعر بالضيق أو العجز من ارتفاع الأسعار والبطالة وانخفاض العلاج وقيمة الجنيه، وعليه أن ينظر لنصف الكوب الفارغ الثانى، بدلا من النصف الفارغ الأول على اعتبار أن كلا النصفين فارغ وخال من السياسات. وعلى المواطن أن يعتصم بالنظرة الشاملة. وألا تستند إلى الرؤى المعارضة التى يعتبرها السيد جمال وأصدقاؤه من الماضى، بينما نحن نعرف أن نظامنا السياسى من الماضى منتهى الصلاحية، بأكثر من ربع قرن ويستمر ويتواصل بالرغم من أنه استنفد مرات الرسوب.