Friday, May 05, 2006

العربى

وفاء حلمى تحاور العلامة المصرى فى الهندسة الواراثية
د. مستجير: أعشق الروايات البوليسية وأخجل من نشر أشعاري
مطلوب ثورة بعثات علمية مثلما حدث أيام عبد الناصر فى الستينيات
لدينا كمية من الباحثين دون إنتاج حقيقي.. وبينهم صراع على الماديات والمراكز..
المجلات العلمية المصرية تنشر أى كلام.. فتدهور المستوى العلمى للبحوث
وسائل الإعلام العربية تزيد من جهل الناس وتعمق الخرافة والدجل
دكتور أحمد مستجير يبهر الكثيرين بتعدد اهتماماته وإجادتها بشكل مذهل.. فهو بالأساس أستاذ لعلم الوراثة بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وله اسهامات كثيرة فى أبحاث الهندسة الوراثية لدى الحيوان والنبات.. ود.مستجير يكتب فى مجال الثقافة العلمية بأسلوب سهل ممتنع.. وخاصة مقالاته المتميزة عن الجينوم أو المادة الوراثية الموجودة فى نواة خلايا الكائن الحي، وتحمل جينات الصفات الكائنات الحية.. د.مستجير عالم ومفكر وشاعر وباحث فى علم اللغة ومترجم.. وإضافة لذلك له ما يزيد على 57 كتابا بين مترجم ومؤلف، فى العلوم والفلسفة، والأدب.. أحدثها كتاب سلسلة أقرأ بعنوان علم اسمه الضحك وكتاب صدر أول أمس بعنوان الطريق إلى السوبر مان عن مؤسسة سطور.. د.أحمد مستجير هو أحد جهابذة العربية الأجلاء.. إضافة لامتلاكه ناصية الشعر له ديوانان عزف ناى قديم صدر عام 1980وهل ترجع أسراب البط صدر عام 1989. كذلك له كتاب شديد الأهمية فى علم العروض.. كتبه بقلم مستجير العالم، استخدم فيه المنهج الرياضى وتقنيات الكومبيوتر.. ود.مستجير عضو بمجمع اللغة العربية وعضو بالمجمع العلمي، فضلا عن مشاركاته الدائمة فى المؤتمرات والمحافل الثقافية والعلمية فى مصر والعالم العربي.. حصل عام 1997 على جائزة الدولة التقديرية باعتباره عالما بارزا متخصصا فى أبحاث الهندسة الوراثية.. كما حصل على وسام العلوم والفنون مرتين عام 1974 وعام 1996 كما حصل على جائزة مبارك للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة عام 2001 والحديث مع عالم ومفكر ومبدع بقامة د.مستجير مشوق لأى محاور لأن هناك عشرات المواضيع يمكن التطرق إليها.. من العلم إلى اللغة إلى المشاعر الإنسانية.. ولأن العصر هو عصر المعلومات والتفكير العلمى وتكنولوجيا الاتصال والهندسة الوراثية.. ولأننا لا نعرف بعد موقع أقدامنا من هذا العصر الذى تهب علينا رياحه بعنف تكتسح الأمم الخاملة.. لذلك بادرته قائلة: - د.مستجير أين نحن من الثورة العلمية الحديثة؟ -- العلم يتطور بشكل كبير ونحن نلوك ونكرر ما قلناه.. - ماذا تقصد؟! -- الثورة العلمية الآن هى ثورة الإلكترونات والجينات ونحن مازلنا بعيدين عن هذا المجال.. ومن دخلوا منا فيه قليلون جدا. - إذن كيف يمكن الدخول فى هذا المجال بشكل أوسع؟ -- هذه عملية صعبة جدا.. - وما صعوبتها إذا كان لدينا علماء أجلاء وأنت واحد منهم؟ -- الصعوبة تكمن فى أن علينا تغيير المجتمع.. لنعرف كيف نفكر بشكل علمى فى مشاكلنا.. خاصة أن مشاكل مصر أصبحت أعقد من أن تحل بالعلم التقليدي.. لهذا نحن بحاجة إلى جيل جديد من الباحثين. - إذن كيف يمكن نخرج مثل هذا الجيل من الباحثين؟ -- علينا عمل ثورة بعثات علمية مثلما حدث أيام عبد الناصر فى الستينات.. نبعث ثلاثة آلاف باحث لتعلم الجديد فى العلوم الحديثة.. لو خرج من بينهم خمسمائة عالم وباحث فسيغيرون الدنيا.. - ألا يوجد لدينا أبحاث علمية جيدة؟ -- حتى فترة قريبة كان البحث يسير بشكل جيد إلى أن زادت كمية الباحثين دون إنتاج حقيقي.. وأصبح بينهم صراع على الماديات والمراكز، وأصبح الكثيرون منهم لا يفكرون فى العلم بل فى مشاكلهم الخاصة.. ونتيجة لذلك كثرت المجلات العلمية، التى ينشر فيها أى كلام.. ومع الوقت يتصور أنها أبحاث، لهذا تدهور المستوى العلمى للبحوث المصرية.. - ألا ترى أن الدولة مسئولة عن هذا التدهور؟ -- طبعا الدولة مسئولة.. فتدهور المستوى العلمى للبحوث المصرية، بدأ منذ أن خرج للوجود قانون الجامعات.. وتم فتح باب الترقيات.. وأصبح الباحث يعمل بحثه من أجل الترقية، وليس من أجل النتيجة العلمية، إضافة إلى أن الباحث صار يرقى إلى درجة الأستاذية فى سن الأربعين.. وبعد ذلك يتوقف عن الأبحاث لأنه لم يعد بحاجة لترقية.. - إذن ما الحل.. هل نوقف مثل هذه الأبحاث أما ماذا؟ -- أرى أنه يجب إرسال أبحاثنا للخارج لنشرها فى المجلات والمراجع الأجنبية المشهورة.. بعد ذلك يمكن اعتمادها فى مصر.. - وماذا عن المجلات العلمية المصرية؟ -- تغلق.. - تغلق؟ -- نعم يجب أن نغلق جميع المجلات العلمية فى مصر، ولمدة خمس سنين.. إلى أن نصعد بمستوى الأبحاث.. - كنا فى بداية القرن فى طريقنا للتفكير العلمي.. الآن تراجع التفكير العلمي.. وسيطرت الخرافة فما السبب؟ -- هذا سؤال صعب جدا.. أتصور أن السبب هو عقلية الزحام التى تسيطر على تفكيرنا، إضافة إلى انحطاط مستوى التعليم بشكل مخيف.. فما معنى أن يحصل الطالب على 99% ويدخل إحدى كليات القمة ثم يخطيء فى الإملاء.. إضافة لذلك القيم التى تنقلها وسائل الإعلام تزيد من جهل الناس وتعمق الخرافة والدجل.. وأنا لا أفهم كيف يكون لدينا قناة ثقافية وليس فى مجلسها واحد له فى العلم! إنهم يتصورون أن الثقافة هى الأدب والفنون فقط!! - د.مستجير أنت سافرت عام 1960 إلى إدنبره فى أسكتلندا وفى عام 1961 حصلت على دبلوم وراثة الحيوان من معهد الوراثة جامعة إدنبره، ثم حصلت على دكتوراه فى نفس التخصص عام 1963، مما يؤكد تفوقك، بعض ممن يحصلون على مثل هذه الشهادات يظلون فى الخارج ألم تفكر فى ذلك؟ -- فعلا هم عرضوا على أن أظل هناك لكنى رفضت.. - لماذا رفضت؟ -- أنا من قرية اسمها الصلحات بجوار مدينة المنصورة، وحتى الثانوية كنت أعيش فى المنصورة ثم حضرت القاهرة بعد حصولى على الدكتوراه.. - وما علاقة المنصورة والصلحات بأن تظل فى أسكتلندا؟ -- أقصد أنى مرتبط بالأرض والوطن مانفعش.. لايمكن أتخيل نفسى فى مكان آخر غير مصر.. مصر دى بلدى ومكاني.. ولا فكاك من عشقها ولا أريد فكاكا! -هل هذا خيال الشعراء..؟ -- بل حب العلماء - وهل العلماء يحبون؟ -- غريب سؤالك.. أليسوا بشرا.. ثم إن الحب أساس العلم.. - د.مستجير.. دعنا ننحى الحب جانبا بعض الوقت لنعود له بعد قليل.. لكن الآن أنا مندهشة من جمعك بين تخصصك الدقيق فى العلم.. وبين الأدب وعلم اللغة! -- وما المدهش فى ذلك.. العلم والأدب ابداعات بشرية.. وأنا عاشق للعلم وأعمل فيه، أما الشعر فهو يمنحنى الراحة النفسية.. - أتذكر متى بدأت كتابة الشعر؟ -- كتبت الشعر فى فترة مبكرة.. لكن أول قصيدة مكتملة كتبتها كانت 25 أغسطس 1954 - أمازلت تذكر هذه القصيدة؟ -- نعم.. أذكرها كانت بعنوان غدا نلتقي.. - ألا يحدث بداخلك صراع بين عقل العالم وخيال الشاعر؟ -- لا أبدا لأن العلم أصله خيال.. ويجب أن يكون لدى العالم ملكة التخيل، ويجب أن تعرفى أن العالم لا يستطع أن يكون عالما جيدا، إلا لو كانت لدية هذه الملكة.. والشاعر بالضرورة عنده خيال لهذا فالاثنان مربوطان ببعضه.. ويجب أن يكون لدى العالم من صفات الشاعر.. القدرة على الخيال والقدرة على الحب.. أن يستطيع العالم أن يحب هذا موضوع مهم دائما أتكلم عنه.. لأنه لا يمكن أن يكون الإنسان عالما، وليس لديه قدرة على الحب.. يجب أن يحب الناس الذين حوله.. يحب بلده.. المهم أن يحب.. ويحب..ويحب.. - لماذا الخيال والحب بالتحديد ضرورى للعالم؟ -- الخيال يمنح العالم القدرة على تخيل النتائج.. والعالم المتميز هو الذى يحول خيالاته وأحلامه إلى علم.. أما الحب فهو دافع للبحث.. العلم يجب أن يكون غرضه إنسانيا.. يوجه لخدمة الإنسانية وإلا لن يكون له معني.. خاصة فى هذا الزمن.. فإذا لم يكن العالم يحب بلده.. ويحب الناس فلن يقدم شيئا مفيدا، ولن يكون عالم كويس.. لازم.. يملك.. الاثنين.. القدرة على الخيال والقدرة على الحب.. ليكون عالما جيدا.. وإلا سيكون عالما كالذين نتخبط فيهم فى الطريق، يعمل فى العلم لكنه ليس عالما.. ويعمل أبحاثا مثل فلان، لايمكن أن تخرج منها نظرية أو فكرة كبيرة.. - لكنى أفهم أن العلم بلا قلب.. والعالم يجب أن يكون صارما.. عقلانيا! -- من قال لك ذلك..!! الباحث فى المعمل يتعامل بالحقائق الجامدة، إنما هذه الحائق الجامدة يخرج منها ما يمكن أن يحل مشاكل الناس ويسعدهم.. - حبك للناس والوطن معروف.. فماذا عن حب المرأة؟ -- طبعا مررت بتجارب حب مندفع كأى شاب.. ثم علاقة الحب الناضجة كانت لزوجتي.. وهى نمساوية.. تركت بلادها الجميلة لتعيش فى مصر مع شخص فقير من العالم الثالث.. - وماذا عن أولادك وعن ابنتك التى حققت كشفا فى النمسا؟ -- مروة حاصلة على دكتوراه فى البيولوجيا الجزيئية فى الهندسة الوراثية.. وهى التى اكتشفت جين سرطان المثانة فى فينا.. وابنتى سلمى حاصلة على ماجستير فى اللغة الألمانية من جامعة فيينا أيضا.. وابنى الأكبر مهندس حاصل على ماجستر، ويعمل فى مجال الكومبيوتر.. - كيف بدأت علاقتك بالأدب؟ -- بدأت بقراءة مجلة آخر ساعة، وكانت تصدر يوم الأربعاء، وكانت كل أسبوع تقدم قصيدة يرسمها الفنان العظيم بيكار.. وكنت أحفظها.. - هل تذكر بعض هذه القصائد؟ -- نعم ما زلت أحفظ منها الكثير.. قصائد لناجى وأخرى لحافظ والكثير من أشعار شوقي.. وخاصة أجزاء من مسرحية شوقى مصرع كليوباترا.. كما أحببت شعراء المهجر وخاصة إيليا أبو ماضي، وفى كتبى العلمية كنت آخذ أبيات أشعار فى بداية كل فصل فى كتب الوراثة، كنت أكتب بيتا من أشعار إيليا أبو ماضي.. - ما أهم الأعمال الأدبية التى قرأتها وأثرت فيك؟ -- قرأت روايات مهولة.. وتربيت على روايات الجيب.. وكات فيها كل شيء بغض النظر عن أرسين لوبين، كانت تنشر لكل الأدباء العالميين، وروائع الأدب الغربى قرأتها فى روايات الجيب.. لكنى أفضل الروايات البوليسية.. فعندى جميع روايات أجاثا كريستى بالانجليزية لأن لها أسلوبا رائعا لا يترجم، ويجب قراءته بلغته. - لماذا تفضل هذا النوع من الروايات؟ -- لأن فيها علم.... تجمع البيانات، ونستخلص منها النتائج.. ليصل للقاتل.. هذا هو العلم.. وفيها أيضا شيء هام جدا.. وهو التأكيد على حرمة الحياة البشرية، الإنسان فى أعمالها له قيمته، من يقتل روح يجب أن يعاقب، هذا أهم ما فى الرويات البوليسية.. - هل تعجبك الروايات البوليسية العربية؟ -- لا.. لا.. هذه ناحية يفتقدها أدبنا تماما. - لماذا.. هل لأن الشخصية العربية شخصية مسالمة أم ماذا؟ -- لا لسبب آخر.. وهو أن عندنا كثيرًا ما نسمع عن جريمة قيدت ضد مجهول.. لكن فى الخارج لا يوجد شيء اسمه قيدت ضد مجهول.. من قتل لازم يعاقب، ونادرة جدا حكاية المجهول دي.. ثم إننا للأسف ليس لدينا كاتب بوليسي.. ربما لأننا نعتبر هذا النوع من الروايات أقل أهمية.. - هل تنصح الشباب بقراءة هذه النوعية من الروايات؟ -- بغض النظر عن هذه النوعية.. القراءة أساس لمعرفة ما يحدث فى العالم.. وأنا بشكل عام أنصح تلامذتى بأن يقرأوا.. أقول لهم اهم شيء أن تقرأ لغرض القراءة.. أن تدرب نفسك أن تجلس على قراءة كتاب 400 صفحة وتنتهى منه.. بغض النظر عن المضمون.. وهذا يجب أن يحدث فى الصغر.. - ولماذا فى الصغر؟ -- لأنه لو لم يقرأ الشخص فى الصغر، فإنه عندما يكبر لن يستطع القراءة.. فأنا أرى أستاذا فى تخصص معين يحضر كتابا عاما، يبحث فى الفصل الذى يضم المادة التى تخصه، ثم يترك الكتاب، لأنه لم يتعلم القراءة.. أما أنا فقد تعلمت من الصغر أن أقرأ.. - من علمك؟ -- والدى هو من علمني.. كان مدرس لغة عربية.. وكان يأتى لنا بكتب مصطفى صادق الرافعي، ولطفى المنفلوطي، وروايات جرجى زيدان عن العرب.. كلها كانت فى البيت ونحن أطفال، وكنت أجد والدى يقرأ فأقرأ مثله.. بعد ذلك قرأت كل أعمال يوسف إدريس، ونجيب محفوظ.. - والآن هل مازلت تقرأ ابداعا؟ -- الآن لا أقرأ رواية إلا إذا قرأت فى الجرائد أن هناك عملا جيدا.. - ما أحدث كتاب أدبى قرأته؟ -- اشتريت منذ أيام مجموعة يوسف إدريس لغة الأى أي. - ما الذى ذكرك به؟ -- ذكرنى به كتاب عن الألم أكتبه الآن.. ودائما أحب أن أطعم كتبى بمقاطع أدبية.. - هل مازلت تكتب الأدب؟ -- لم أعد أكتب أدبًا الآن.. لأن هناك الجيد فى العلم كل يوم يحتاج إلى متابعة مستمرة، والأدب يحتاج إلى تفرغ وروقان.. - هل نشرت فى ديوانيك كل ما كتبته من أشعار؟ -- لا.. لدى الكثير مما خجلت من نشره.. - ولماذا خجلت من نشره؟ -- لأنى كتبته لنفسي.. لا من أجل النشر.. - متى تكتب لنفسك؟ -- عندما يكون بداخلى مشاعر ما أرغب فى إخراجها لأستريح. - لك كتاب فى علم العروض.. استخدمت فيه نظرية جديدة فما دافعك وراء تأليف هذا الكتاب؟ -- نشأت الفكرة فى البداية من علاقتى مع الكومبيوتر لأنى كنت أريد أن أجد نظاما رياضيا لبحور الشعر يستطع أن يتعامل الكومبيوتر معه، ثم اكتشفت أن هذه الطريقة تلغى الكثير من مشاكل علم العروض، وتبسط أمره لكل من يود معرفته. - ما رأيك نختم الحديث بقصيدة من أشعارك؟ سأقول بضعة أبيات من قصيدة طويلة بعنوان:كتابات على ظهر مقعد فى الحديقة المظلمة.. تغربت ياما تغربت يا ظالمة.. تغربت من أجل حبك.. ومن أجل عينيك يا قاسية.. غريبا كما كنت.. ها قد رجعت إليك.. فلابد لى أن أعود.. واسندت رأسى على ركبتيك.. وأجهشت يافتنتى بالضحك.. - من هى فتنتك هذه؟ -- تبدو قصيدة رومانسية جدا لكنها عن مصر.. - أنا لا أصدق ذلك!!.. لكن ليس هناك مانع أن نمشيها مصر.. -- أحب أنا أقول لك إن الحب شعور جميل يغلف كل شيء.. وأنا أدعو الجميع لأن يحبوا
..

No comments: