Wednesday, April 07, 2010

حكايات


هاه إية رأيك يا عم ما فيهاش غلطة على رأيكوا يا مصريين
قالها صديقي السوري
و أنا أقود المرسيدس التي للتو أخذناها من معرض السيارات
لتجربتها على الطريق مع وعد منّا بإرجاعها آخر النهار.
كانت السيارة من الداخل مخططة بطريقة رائعة
أمامك كل شئ مضئ
و لها عدادات جميلة
و ناقل آلي ثم لها دليل خرائط يخرج من أمامك ليتوضع في منتصف اللوحة الأمامية
و يدلك على الطريق بطريقة لا تشتت إنتباهك أبداً.
و كانت المقاعد وثيرة و من الجلد الأسود الفاخر و تتحرك آلياً لتضمن لك الراحة التامة أثناء القيادة.
دخلنا المدينة التي يسكنها صديقي ليقول لي إنه لابد من ذهابه الآن لزوجته و أنه سيمر علي غداً ليتأكد من شرائي هذه العروسة على حد قوله
و أيضاً ليتركني معها كي تبدأ علاقة الحب
كما بدأت بينه و بين سيارته التي هي أخت لتلك التي نحن فيها.
تركته على الرصيف ثم إستدرت عائداً.

*( لولا الأزمة الإقتصادية - صدقني- ما كان صاحبها مدير المصنع الفلاني باعها بهذا السعر أبداً)
قالها صاحب معرض السيارات
و نحن نتسلم السيارة
و قلبي يقول - ألا بوركت أيتها الأزمة العالمية- .

*إتصلت بي صباح ذلك اليوم لتخبرني أن كيلو اللحم
أصبح ثمنه خمسون جنيهاً
و أن كثيراً من الناس لم تعد تأكل أصلاً
و أن الفقراء قد توفوا بالسكتة القلبية.

*يكلمني صديقي على أمواج الإنترنت
ليخبرني بأنه قد إنضم لعالم الكبد من أوسع أبوابه
و أن الفيروس سي يمرح في جسده و يلعب معه الآن لعبة مصر الأولى
و أنهم في المستشفى بعد تأكيد التحليل
قالوا له تعال بعد عشر سنين لنرى كيف نعالجك
لعدم توافر الإمكانات و نحن نعالج الهالكون أولاً.

*يقول لي صاحب العمل أنه قرأ عن مصر كثيراً
و أنه يتمنى رؤية هذا البلد الرائع و يسألني سؤالاً غريباً
هل كل الناس سعداء هناك لأنهم يعيشون في بلد الحضارة الأول؟

*يشكو صديقي الذي كانت له مهنة يوماً ما
من عدم توافر رغيف العيش
و أنه يدوخ السبع دوخات ليحصل على رغيف من بين عشرة ليأكله.

*أعود لصاحب المعرض آخر اليوم معتذراً بأن السيارة جميلة و رائعة
و لكنني أبحث عن سيارة إقتصادية و صغيرة
لكي أستطيع ركنها في المدينة بسهولة.

*و أنا خارج من المعرض أحس بأن السيارة تقف متفرجة و مندهشة لسلوك هذا النزق
الذي لم تعجبه أميرة مثلها
و كأنها ترفع مصابيحها بخيلاء و نظرة إستعلاء على زمن هبط بسعرها
لمستوى البلهاء من البشر.

*أذهب لبائع الدراجات الهوائية لأبتاع أفضل ما لديه
إستعداداً لصيف - أعد نفسي فيه بأن أستنشق الهواء النقي و أفقد عدة كيلوجرامات-

*لطالما رأيت مالك المرسيدس في بلادنا كالغول
يأكل اللحوم بشراهة و لا يتكلم مع خلق الله ببساطة
و يملك أموال ما أنزل الله بها من سلطان
و دائما عسير الهضم لمن حوله
و قد خفت على نفسي
حينما رأيتني في مرآة المرسيدس
أتحول لشخص لا يبالي.