Monday, October 29, 2007

مواقف‏‏بقلم : انيس منصور

هات كل صحف الدنيا شرقا وغربا في مواسم الامتحانات فلن تجد شيئا كالذي في مصر‏.‏ الآباء يريدون أولادهم ان ينجحوا بأية طريقة‏..‏ بالدروس الخصوصية‏..‏ بالغش‏..‏ المهم ان يتخرجوا وبس‏!‏

المصيبة الكبري ان الآباء والصحف والبرلمان تشترك كلها في ابتزاز وزيري التعليم العالي والتربية والتعليم‏..‏ ومن مضحكات التاريخ العصري ان يحصل الطالب علي مائة في المائة واحيانا‏120%..‏

والتاريخ يقول لنا‏:‏ إن اينشتين كان تلميذا بليدا‏.‏ وانه نطق متأخرا‏.‏ واينشتين هو عبقري العباقرة‏..‏ والسياسي الكبير تشرشل والخطيب الفذ كان بليدا ايضا ولم نقرأ ان والده شكا من الظلم الواقع علي ابنه وانه لابد أن ينجح‏!‏

وفي الصحف الفرنسية ينشرون الاجابات النموذجية في علوم مختلفة‏..‏ ليتفرج القراء ورجال الاعمال علي المواهب التي تتفتح‏..‏ ومما يقال عن الرئيس ميتران انه ذهب إلي البيت حزينا فسألته أمه‏:‏مالك؟‏..‏ قال‏:‏ كانت اجابتي رديئة غبية‏..‏

تفتكر ماالذي فعلته الام‏..‏ لاقلعت الجزمة وضربته ولا هو سار علي رأس مظاهرة يهتف بسقوط المدرس أو مدير المدرسة‏.‏ وانما أمه أخذته وعانقته قائلة‏:‏ ولا يهمك‏.‏ لايزال مشوارك طويلا‏.‏ فعندك فرصة لتكون أحسن‏!‏
وبس‏!‏

يقول استاذنا توفيق الحكيم انه في بعض مواد القانون لم يكن متفوقا وظهر عليه الحزن‏.‏ فسألته أمه‏:‏ هل منعك من المذاكرة أحد‏..‏ هل أمسك القلم احد غيرك وكتب نيابة عنك‏..‏ هل هذه نهاية العالم؟ وكانت اجابة الحكيم‏:‏ لا‏..‏
وطلبت منه أمه ان يترك الكتب ويتنزه ويفكر علي مهله في أي شيء آخر‏!

Saturday, October 27, 2007

El masry el youm

المصريون في نعيم

 
بقلم  د.طارق عباس    ٢٧/١٠/٢٠٠٧

بصراحة وبكل صراحة، الحياة في مصر عال العال، والناس غارقة في السعد والنعيم والحريات، ولا هم للمسؤولين -الله يعمر بيوتهم- سوي رعايتنا والسهر علي راحتنا، وتحصيننا من شرور الحساد والعزال، وسلام علي الناس الحلوين، وألف كبة لمن يشوهون هذه الجهود ويسودون الدنيا في عيون الناس.

وبجد شكراً لوزير المالية لفرضه ضرائب جديدة علي الوحدات السكنية الخالية، ياسلام علي المشاعر الجياشة، ومنتهي الإحساس بالناس، هدية الوزير وصلتنا جميعاً والشعب قبل الهدية، والحكاية ليست حكاية ضريبة جديدة أضيفت إلي ضريبة المبيعات و ضريبة الدخول والدمغات وضريبة الأرباح التجارية...إلخ.

وإنما الحكاية حكاية حكومة أفلست بعد فقدانها كل مواردها، وبيعها معظم الأصول للأجانب بأرخص الأثمان، وتبرعت بالباقي منحاً وهبات للأحباء والجيران، ولم يعد أمامها سوانا، تمد يدها إلينا فهل نخذلها؟ وهل يصح أن نتركها للي يسوي واللي مايسواش؟ لا ياعم غالي، نحن جدعان جداً ولسنا أقل منك وطنية، ومتشوقون لدفع المزيد من الضرائب، ومستعدون للاستغناء عن أمتعتنا وخلع ملابسنا لأجل خاطر عيون الحكومة، نحن شعب مسالم لا يغضب ولا يثور ولا يعترض، يجيد السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر، ربما يغفل عن كلمة حق لكنه لا يغفل أبداً عن كلمة نعم، ونحن معك يادكتور يوسف ووراءك، زد الرسوم والضرائب والدمغات والعوائد، وأعف سكان مارينا من كل ما يعكر صفو حياتهم، وارفع الدعم إذا شئت عن مستحقيه، فحكومتنا أولي بلحم ثيرانها.

ونرجو يامعالي الوزير أن تبلغ تحيتنا لوزير الإسكان، ذلك الفهد الذي وقف سداً منيعاً أمام السماسرة، ورفض العمل بسياسة البخت والقرعة والجلا جلا والمزايدات في عمليات التخصيص، ليقينه بأن هذه السياسة:

* لا تليق بوزارة الإسكان المصرية التي تعتبر من أعرق الوزارات في الشرق الأوسط، ولا يجوز ونحن في القرن الحادي والعشرين أن يكون همها الوحيد هو جمع المليارات بفكر مفلس، وإلا ما الفرق بينها وبين من يسوقون لثقافة (اليانصيب) عن طريق زيرو صفر ميه زيرو تلات نصبات؟

*الأرض ملكية عامة للمصريين ولا يصح التفريط فيها بالمضاربة حتي لا تكون الكلمة الأولي والأخيرة لتجار المخدرات وأصحاب غسيل الأموال، مما يجعل التنمية العقارية من الأمور المستحيلة.

* إن مثل هذه السياسة تخلق ارتفاعاً وهمياً في الأسعار، وتغذي في الناس ثقافة التكالب، وتخلق مناخاً سيئاً لاستثمار الوهم تكون نتيجته انهيار السوق العقارية انهياراً تاماً.

والشيء الوحيد الذي أعاتب عليه وزير الإسكان أنه يكلف نفسه فوق طاقتها، ويجهد نفسه في توفير شقق تتجاوز مساحتها ٤٠ متراً وهي مساحة كبيرة جداً، يرمح فيها الخيل، ورفاهية زائدة لا يستحقها محدودو الدخل، خاصة أن هناك دولاً أكثر تقدماً تكتفي ببناء شقق علي مساحة لا تزيد علي ٢٨ متراً بينما تكتفي دول ما وراء الترع بخمسة أمتار فقط للشقة، ومن الممكن أن يكتفي شبابنا بتخيل شقتهم ويسكنون في هذا الخيال لحماية الوزير من ارتفاع أسعار الطوب والأسمنت والحديد...إلخ.

ولسنا في حاجة للحديث عن مزيد من إنجازات بقية الوزراء، فهي أكثر من أن تحصي، وحصوة في عين من لا يصلي علي النبي، وكل ما علينا أن نقبل أيدينا وش وضهر، علي كل هذه النعم حتي لا تزول من وجهنا، ونعلن تفانينا في حب الحكومة، مهما جري لنا من تحت رأسها، لأن تعذيب الحبيب مثل أكل الذبيب، ومن المؤكد أن التراجع الذي نشهده في جميع مرافقنا العامة، وفقدان السوق كل الضوابط والرقابة، والارتفاع المزعج الرهيب في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، كلها أمور افتعلتها الحكومة لتختبر بها صبر الناس علي تحمل البلاوي، وتقيس درجة توهج حرارة مشاعرهم تجاهها.

 لكنها كانت تعمل في صمت وتتحرك بعجلة التنمية في الخفاء، لتحمينا من الحسد، ويمكنني التدليل علي ما قلت بما صرح به رئيس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، وأكد فيه علي ازدهار الاقتصاد المصري، وارتفاع معدلات نموه لأرقام غير مسبوقة، وحدوث تطور هائل في الاستثمار الأجنبي والمحلي، ولا أعرف ماذا تفعل لنا الحكومة أكثر من هذه التصريحات العبقرية، إذن الدنيا بخير طالما لايزال مخزون القمح يكفينا لمدة شهر أو شهرين، الدنيا بخير طالما أن طن الحديد ارتفع فقط من ١٢٠٠ جنيه عام ٢٠٠١ إلي ٣٧٠٠ جنيه عام ٢٠٠٧، وطن الأسمنت من ١٢٠ جنيهاً عام ٢٠٠١ إلي ٤٢٥ جنيهاً عام ٢٠٠٧.

 الدنيا بخير طالما أن العنصرية محدودة في توزيع الدخول، ويتقاضي البيض من الموظفين في الوزارات ثمانية أضعاف ما يتقاضاه السود من العاملين التابعين للمحليات، الدنيا بخير طالما تسير مصر نحو التفرد، فلأول مرة في تاريخنا المعاصر، يوافق نظام علي حبس خمسة رؤساء تحرير صحف حزبية ومستقلة دفعة واحدة ومعهم حبة فكة، وجمايل الحكومة علينا كثير وكلما زدناها حباً، زادتنا من مفاجآتها السارة.

ولا أوافق الدكتور (ميلاد حنا) علي ما صرح به لـ«الدستور» يوم السبت الماضي، وحمل الحزب الوطني مسؤولية انهيار الحياة السياسية في مصر وهو افتراء، فلا توجد حياة سياسية في مصر أصلاً، وكله بالبركة، واللي بنخاف منه مايجيش أحسن منه، ألم أقل لكم إن المصريين في نعيم، ولا ضرورة للتشاؤم لأنه سيقودنا للتهلكة، ولكي نتفهم واقعنا جيداً، علينا أن نراه بنظارات أعضاء الحزب الوطني، لنعرف متي نصمت ومتي نصمت؟ ماذا يجب علينا وماذا يجب علينا؟ متي نقول نعم ومتي نقول نعم؟

هكذا تكون الديمقراطية، وهكذا نضمن العيش في النعيم وتوتة توتة ماتت الحدوتة

Tuesday, October 23, 2007

بص لعينيا يا رئيسنا

احنا نتيجتك يا ريس
احنا الفشلة و العواطلية صنيعتك و بيعايرونا بفشلنا
التخلف و الزحمة و الجرب اللي الناس فيه

دا اللي انتا زرعته
الرشوة و الفهلوة و التهليب بتوعك يا كبيرنا
ما كانش ليا كبير غيرك
ما علمتنيش غير اني افشل
و ابقى صايع و فهلوي
لية زعلان بقى دلوقتي
انتا و غيرك?
ما انا طلعت على ما علمتوني
فهلوي

و نصاب
و باحط ديني كمظهر
حجاب لامي
و سكسوكة ليا
و سبحة صغيرة
لية زعلانين مني

? و من مصر
انا صنيعتكم يا عم
بص في عينيا قبل ما تموت يا رئيسنا
بص في عينيا قوي
انا اللي انتا عملته
بني ادم ضايع

هو دا ابنك
شكرا


Thursday, October 18, 2007

الدولة والناس

الدولة والناس

بقلم د.عمرو الشوبكى ١٨/١٠/٢٠٠٧

حين يسيطر علي جهاز الدولة حكم محدود الكفاءة يعيش حالة فوضي وفساد غير مسبوقين، وحين تغيب الدولة وتتراجع هيبتها، يصبح خطر الانهيار الداخلي خطراً حقيقيا يهدد الأخضر واليابس. لقد أدي التسيب الشامل الذي تشهده الساحة السياسية والاقتصادية والقانونية، إلي شغل المجتمع بمعارك جانبية لا حد لها، تاركا عموم الناس يتصارعون فيما بينهم، وكأنهم في غابة، من أجل انتزاع حقوقهم أو اغتصاب حقوق الآخرين، ليشمل الكيانات السياسية وغير السياسية، وهو تسيب لا تخطئه عين في الشارع والغيط وأماكن العمل، وفي وسائل النقل العام، ومع سائقي الميكروباص، وأحيانا من أجل إيجاد مكان آمن لعبور الشارع، فوضي غير مسبوقة أبطالها الشارع المصري، وتلعب فيه الدولة دور الكومبارس.

والواضح أن هذا الانسحاب المخزي للدولة من المجال العام ــ السياسي والنقابي والإداري ـ والمجال الخاص في حماية كل مواطن يحاول أن يسير علي قدميه، أدي إلي انتشار هذا النمط من الصراعات الأفقية داخل المجتمع المصري، فهناك حروب تقليدية تنتمي إلي الحرب الباردة بين أحزاب المعارضة وحزب الحكومة، ومازالت مستمرة في حدها الأدني أو علي سبيل إبراء الذمة، لأنها جزء من وظيفة أحزاب المعارضة، أن تعارض الحكومة، أما الحروب الجديدة وأشكال الصراع الحقيقية، هي أساسا داخل كل حزب أو جماعة سياسية.

وإذا وقف زعماء الأحزاب السياسية وقفة صغيرة مع النفس، لاعترفوا أن الوقت الذي يقضونه في ترتيب المؤامرات الصغيرة ضد منافسيهم داخل كل حزب أكبر بكثير من الوقت الذي يقضونه في مواجهة سياسات الحزب الحاكم، والعكس أيضا صحيح، فالحزب الوطني لا ينشغل كثيرا بأحزاب المعارضة، لأن قادته منشغلون بصراعاتهم الداخلية وباستبعاد العناصر المحسوبة علي منافسيهم عن طريق ما يعرف بانتخابات الحزب الحاكم.

والمؤكد أن مشهد الصراع السياسي بين من يفترض أنهم في تيار واحد أو حزب واحد، صار في كثير من الأحيان يفوق أي صراع آخر، وهذا في الحقيقة راجع لانغلاق مسار التغيير السلمي والإصلاح الديمقراطي، فكل أحزاب المعارضة لا تحلم أن تنافس علي السلطة ولا تمتلك أي قدرة علي القيام بذلك في ظل النظام الحالي، وبالتالي تنتقل صراعاتها إلي ما هو ممكن وواقعي وهو الصراع ضد بعضها البعض، ويعمق من هذه الصراعات انسحاب الدولة الكامل عن وضع أي قواعد قانونية لتنظيم العملية السياسية،

فالصراع الذي دار العام الماضي داخل حزب الوفد، تركته الدولة لقدره حتي انتهي بإطلاق نار وعنف غير مسبوق، وكان بمقدور النظام الحاكم أن ينشئ جهة قضائية مستقلة مهمتها أن تفصل في هذا النوع من الصراعات الحزبية، لكي تطبق فقط قاعدة سياسية وقانونية بسيطة، تتمثل في احترام الأقلية داخل كل حزب لتصويت أو قرارات الأغلبية، ووجود نظام لمراقبة كشوف الأعضاء وضمان عدم العبث فيها وغيرها من القواعد.

وفي ظل مجتمع لم ترسخ فيه الثقافة الديمقراطية، يصبح من الطبيعي أن ينتشر هذا النوع من المشكلات والصراعات الداخلية، وتصبح دولة القانون ذات الهيبة والسطوة، هي الملاذ الوحيد لكل الفرقاء في ساحة السياسة والحياة العامة، من أجل الحفاظ علي ما تبقي من نظام التعددية المقيدة، أمام خطر الفوضي والتحلل والعشوائية الذي سينهي كليا من وجود كلمة "نظام" في المجتمع المصري.

ويبدو أنه صار متأخرا وضع أي قواعد قانونية لحسم أي شيء داخل المجتمع، فالحكم الذي كان راغبا في استمرار الصراع الأفقي بين الجميع وترك «الباب علي الغارب» لكل عابث أو مخرب أو واهم بالزعامة، أصبح عاجزا الآن عن مواجهة أي شيء، أو تحمل ثمن تطبيق القانون علي الحكام والمحكومين، ورؤساء الأندية وقادة الأحزاب، وحتي بلطجية الشارع وحلفائهم من رجال الأعمال وأصحاب الحظوة والنفوذ، ودفع المجتمع إلي الغوص حتي أخمص قدميه في معارك صغيرة وتافهة يروجها الإعلام الحكومي والخاص معا، عن القيل والقال، وفلان وعلانة، ونسي الكثيرون معركة الإصلاح السياسي والديمقراطي ومحاربة الفساد والاستبداد، وصار بقاؤهم في المجال العام مرادفا للاستنزاف في الصراعات التافهة والمعارك الصغيرة.

فحتي معركة حرية الصحافة واستقلالها لم تسلم من بعض المناوشات الجانبية، مثلها مثل معركة استقلال القضاء التي نجح النظام في تحويلها ولو مؤقتا إلي معركة بين القضاة أنفسهم، و أدخل أساتذة الجامعات في معارك جانبية كثيرة تعثرت أمامها معركة استقلال الجامعات والبحث العلمي.

والمؤكد أن الحكم تعمد تغييب الدولة تماما عن ساحة الجدل السياسي والمهني والديني في مصر، فكل شيء مباح، وكل الاجتهادات الغريبة والصادمة والبلهاء يسمح لها بالانتشار، وكل مخالفة صريحة للقانون لا تتعرض لحساب إلا إذا مثلت خطرا مباشرا علي الحكم، أو تجاوزت الخطوط الحمراء، وكل عمل سياسي أو نقابي هو مرحب به طالما غير فعال أو منشغل بصراعاته الداخلية، وصار كل طرف يدعي أنه يواجه السلطة ويسعي إلي الإصلاح السياسي والديمقراطي هو في مواجهة مع طرف آخر يدعي أيضا أنه يواجه السلطة ويطلب الإصلاح، وأدت هذه المواجهة الواقعية بين كلا الطرفين، وليست الافتراضية ــ أي ضد السلطة ــ إلي تحييد هذا الخطاب الإصلاحي وإفقاده أي تأثير في الشارع وبين النخبة.

فمعركة الناصريين والإخوان في مجلس نقابة المحامين عطلت كثيرا من دوره في عملية الإصلاح السياسي والديمقراطي، والصراعات غير الصحية داخل الجماعة الصحفية ــ وهي في جانب رئيسي منها نتيجة غياب أي معايير قانونية ومهنية تحكم عملية تعيين الصحفيين وتدريبهم وتعليمهم ومحاسبتهم مهنيا ــ ساهمت بدورها في تعطيل معركة حرية الصحافة واستقلالها.

وامتد انسحاب الدولة ليشمل باقي مجالات الحياة، فالدولة غائبة عن حياة المصريين اليومية، لا تظهر إلا في الكوارث، وتغيب حين يكون مطلوب منها أن تمنعها أو تواجهها قبل وقوعها، فالمصريون يموت منهم كل عام حوالي ١٠ آلاف قتيل في الطرق وحدها، ولا أحد يتحرك بمن فيهم الناس أنفسهم، ويغرقون في العبارات النيلية، وليس فقط عبارات البحار وهم لا يتحركون، وينهار نظامهم التعليمي ويعيشون في فوضي وعشوائية أقرب للمهزلة، ويستنزفون منذ الصباح وحتي عودتهم إلي منازلهم في مشاجرات الشوارع وخناقات السير ومشكلات مع الجيران ومع «مدرسة الأولاد»، ورؤسائهم في العمل، دون أن تحكمهم قاعدة قانونية واحدة تنظم شيئا واحدا في حياتهم.

المؤكد أن هذا الوضع الذي انسحبت منه الدولة من تنظيم المجال العام والخاص، وتركت عموم الناس "هم وحظهم "، لن تواجهه السياسة ولا التنظيمات السياسية، إنما هو وضع سيتحلل من داخله، صحيح أن الضغوط غير المنظمة في الشارع ستساعد علي هذا التحلل، لكن السبب الرئيسي الذي سيؤدي إلي الانهيار القادم، سيعود إلي العجز الداخلي للنظام وللدولة التي أدارت ظهرها للناس، وهم حتما سيديرون ظهورهم لها، ويتركونها أيضا لقدرها.... فهل من منقذ قبل حلول الكارثة؟

يا ترى رايحة فين يا مصر!






Tuesday, October 16, 2007

قميص نوم للوطن

وفي الدستور كتب إبراهيم عيسى تحت عنوان "حفريات صحفية" منتقدا خرافة ما يسمى بالصحافة المحايدة ووصفها بأنها أوهام الصحفاة القديمة ..وقال عيسى أنه لا حياد في مواجهة الفساد والاستبداد ...نقرأ: (الصحافة المحايدة هي من أوهام الصحافة القديمة ، وانه لا حياد ولا جريدة محايدة ، فالحياد انعدام رؤية أو رؤية غائمة، لا حياد بين الحق والباطل ، بين الفساد والمنهوبين ، بين ا الاستبداد والمقهورين المقعومين، بين التعذيب والمعذبين ، الصحافة في كل أنحاء العالم الآن وحسب مقتضى التطور التاريخي والسياسي والوجداني والمعرفي، صحافة خاصة غير
خاضعة لملكية الدولة ، وهى كذلك صحافة منحازة ، هناك صحف محسوبة على اليمين وأخري على اليسار، وثالثة منحازة للمحافظين الجدد، ورابعة منحازة لليبرالية الجديدة والطريق الثالث لكل صحيفة رؤية وموقف وانحياز أخلاقي وفكري وسياسي، والصحيفة التي لا تتمتع بموقف لا تتمتع بأدبيات المهنة ولوازمها، الضابط الوحيد للانحياز هو نشر المعلومات والأخبار الصحيفية وليس التضليل بالكذب والدعائية ، في كل المعارك هناك إنحيازات ، في معركة حزب الله مع إسرائيل هل من المفروض أن يكون هناك جورنال محايد، ربما جورنال سويدى، لكن جورنالا مصريا عربيا، هذا غريب . فالحياد هنا
إنحياز للمعتدى المغتصب ، في أزمة قطار تصادم السكة الحديد: هل هناك حياد بين تقصير وإهمال ومسئولية حكم وحكومة ووزير وبين الضحايا وعائلاتهم ؟ ، يبقى أن الصحف
حرة في أن تنحاز لمن تريد أن تنحاز له ، ولا احد يجرؤ على محاسبتها إلا قارئها، يقبل عليها أو ينفض عنها أو يفضها سيرة ، ومن حق أي صحيفة أن تنحاز للدولة ، للحزب الحاكم حسني مبارك ، أو تنحاز للمياعة والسلبية ، هي حرة تماما بشرط أن تكون ملكيتها خاصة وليست للشعب كله ، فكيف للجرائد التي يملكها المصريون جميعا - مسلمين وأقباطا إخوانا وشيوعيين ، مثقفين وجهلة أن تعبر فقط عن وجهة نظر الحزب الحاكم وزعيمه وابن زعيمه ، مش موجودة دي بقى في أى مكان في العالم .. خلاص خلصت ، الصحافة المصرية مؤممة منذ 1960 ، أى من سبع وأربعين سنة ولكن لا يجب أن ينسينا هذا أن اصل كل هذه الصحف المؤممة والحكومية والتي تقول عن نفسها قومية والتي تزعم أنها رائدة (ما يذكرك بريادة الإعلام المصري إياها التي ودتنا ورا) هى صحف خاصة في
الأصل والفصل ، إذا كانت "الأهرام" منذ 47عاما صحيفة مملوكة للدولة فقد عاشت قبل ذلك أكثر من خمسة وتسعين عاما ملكا لعائلة ، و"أخبار اليوم" منذ 1944كانت ملكا
للأخوين مصطفى وعلى أمين ، و"دروزاليوسف" منذ 1928 وحتى 1960صحيفة السيدة فاطمة اليوسف وابنها إحسان ، فجاءت الدولة وسطت على هذه الصحف . والعجيب أنها تملك من الجسارة أن تتآمر على الصحف الخاصة التي هي أصل وتاريخ ومستقبل الصحافة بعيدا عن الحفريات الصحفية التي تتمسك بهذه الصيغة التي تتعامل مع الصحف باعتبارها مدرعات امن مركزي للنظام الحزب الوطني وجمال مبارك ورجالته الذين يردون خصخصة وبيع حتى قمصان نوم الوطن

المجاعة الجاية

٧٥ مليون منتحر

بقلم د.محمود عمارة ١٥/١٠/٢٠٠٧

«أمة في خطر».. عنوان الكتاب الذي أصدره الرئيس كنيدي عندما تراجع مستوي التعليم في أمريكا بالستينيات، رغم قوتها الاقتصادية، وتقدمها التكنولوجي وتفوقها العسكري - لينبه، ويحذر، ويدق ناقوس الخطر، وقامت الدنيا ولم تقعد حتي أصلحوا التعليم ووضعوه مع البحث العلمي كأولويات!

فما بالك بحالنا وما وصلنا إليه من انهيار.. ترد.. تقهقر.. انحدار.. سقوط في كل مناحي حياتنا، وعلي كل المستويات، بعد أن غرقنا جميعاً في «مستنقع» الصراعات، بالتحريض والتربص والتحرش والتشويه وتصفية الحسابات والانتقام، وأمسكنا بمعاول الهدم لإسقاط المعبد علي رؤوسنا.

الكل ينتحر، وكل بطريقته.. «المجموعة الحاكمة»، تعيش حالة صراع محسوس ومسموع وواصل.. «الأحزاب» أسوأ من الحزب الحاكم.. «النقابات» شللية بسبب التربيطات الانتخابية والمصالح الشخصية.. «المجالس النيابية» أغلبية من عبدة المأمور.. و«الشعبية» فساد للحلقوم.. «الوزارات والهيئات» في حالة حرب باردة..

«المؤسسات» مفلسة ومنهارة إلا قليلاً.. «الوسط الصحفي والثقافي» أجارك الله.. «العائلات» معظمها يشكو النصف الآخر في الأقسام وأمام المحاكم.. «الأجهزة» تتربص ببعضها.. «الشارع» الناس تنتحر والرجوع إلي المنزل سالماً أصبح أمنية، بعيداً عن الإصابات أو القتل في حادث أليم.. و«الفتيات والنساء»، يتعرضن لأبشع أنواع التحرش والعنف والسطو والترويع.

فماذا بقي لنا؟

«التعليم» كارثة.. «الصحة» في خبر كان.. «الخدمات» كله بثمنه (الرخصة بمائة، والمخالفة بعشرين، وأي شهادة لها تسعيرة، والطوابير ممتدة، والكوسة شغالة، واللي له ظهر ما يضربش علي بطنه).. «سلوكيات البشر» هي التخلف بعينه والبركة في شيوخنا بفتاواهم وآرائهم وتدخلاتهم وأحاديث القرون الوسطي.. أما «القانون» فمنه الجاهز والتفصيل.. و«العدالة» غير ناجزة..

باختصار: الدولة في غيبوبة، وبسبب عجزها وترهلها فقدت السيطرة، وخسرت الهيبة، ولم تعد قادرة علي القيام بدورها، فانتشرت العشوائيات، وانتصرت الغوغائيات، وساد الإهمال والتسيب والانفلات، وعمّ الفساد، وعششت الخرافات.

وفي ظل هذا المناخ الملوث بكل أنواع الخلافات والخناقات والتخوينات والشائعات والتآمر والضرب، فوق وتحت الحزام، لم يعد هناك «رايق» واحد يمكنه الخلق أو الابتكار أو الإبداع للنهوض بمستوي الإنسان وأصبحنا نعيش في غابة من عالم الحيوان!

ولا أحد يناقش قضايانا الحقيقية والمصيرية: البطالة.. الإدمان.. التلوث.. المرور.. حماية المستهلك.. الاستثمار.. التصدير.. التدريب والتأهيل.. هروب الشباب ورمي أنفسهم في البحر.. الاحتكار للثروة والسلطة.. البلطجة والفوضي.. النظافة.. الانفجار السكاني.. مستقبل مصر السياسي والاقتصادي، في ظل المنافسة الشرسة والاتفاقات الدولية.. إعادة بناء الإنسان المصري بعد أن فقد كل المواصفات القياسية لمعني كلمة إنسان و.. و.. و...

والأدهي من ذلك: «المجاعة القادمة» لا محالة بعد أقل من خمس سنوات لأسباب ثلاثة محسومة ومحسوبة:

أولها: اتجاه العالم للاستغناء عن البترول باستخدام المنتجات الزراعية لإنتاج الإيثانول (الكحول) كطاقة نظيفة وبديلة وأرخص من ثمن البرميل أبو مائة دولار، وبالتالي سيقتطع ٢٠% من المساحة المزروعة حول العالم في أستراليا وكندا وأمريكا وأوروبا والبالغة ٨،٣ تريليون فدان لزراعة محاصيل خاصة بإنتاج الإيثانول.. بالإضافة إلي رفع الدعم عن المزارع هناك، وبناء عليه سترتفع أسعار الحبوب والزيوت والسكر والألبان واللحوم والفاكهة عشرة أضعاف السعر الحالي، وبما أننا نستورد ٥٥% من غذائنا فسوف يدفع المواطن المصري السعر نفسه، الذي سيدفعه المواطن الأمريكي والأوروبي مع الفارق الشاسع في الدخول والرواتب، ناهيك عن خفض أو رفع الدعم في مصر خلال المدة نفسها!!

ثانياً: عدد سكان العالم يزداد سنوياً بحوالي ١٥٠ مليون نسمة يحتاجون إلي غذاء وماء.

ثالثاً: مصر تزيد مليوناً وثلاثمائة ألف «فاه»، جديد سنوياً، وحسب آخر إحصائيات منظمة «الفاو» سيصل تعدادنا في ٢٠٦٠ إلي ٣٦٤ مليون مصري، ليصبح نصيب المواطن في المساحة المزروعة بعد استقطاع الامتداد العمراني هو «متر مربع واحد»، يعيش منه ويدفن تحته «مقرفص».

والحل: في يد الرئيس مبارك وحده.. لماذا؟

لأن تاريخ مصر القديم والحديث يقول: إن «الفرعون» الذي كانت لديه إرادة حقيقية لنهضة مصر كان يصل بها إلي أن تصبح أعظم إمبراطورية تحكم من بلاد الفرس شمالاً وحتي إثيوبيا جنوباً، ليأتي «فرعون» تال هبط بمصر للحضيض حتي يأكل الناس القطط والكلاب الميتة في الشوارع، حتي يأتي «فرعون» جديد لديه رغبة عارمة في النهضة، وبنفس الموارد والإمكانيات والناس يجعل مصر مزرعة العالم، ومخزن غلال للرومان ليحيا المصريون في نعيم وازدهار.. حتي يصابوا ««بفرعون» بلا طموح فينحدر بمصر وتحل المجاعة، ولا يجد المصريون ما يقتاتون به فيلتهمون جثث بعضهم بالمقابر!! ونروح بعيد ليه؟

«عبدالناصر» وحده هو الذي قرر الحرب علي إسرائيل فخرج الشعب يهتف: «هنحارب.. إسرائيل الأرانب»، وجاء «السادات» وبمفرده قرر الصلح مع إسرائيل فخرجنا نرقص ونطبل للسلام والصلح مع إسرائيل.. وأتي «مبارك» بسياسة اللا حرب واللا سلم مع إسرائيل، فعشنا في حالة اللا سلم واللا حرب مع إسرائيل!

بالمختصر المفيد: منذ ستة آلاف سنة وحتي اليوم، دائماً تأتي المبادرة أو المشكلة أو الحل من «فوق» من الفرعون الحاكم، ولم يحدث أبداً أن خرجت مبادرة أو حل من تحت لفوق.

ولهذا فالكرة بملعب الرئيس مبارك، وعليه وحده أن يخرج علينا بـ«مبادرة» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلي أن يأتي خلفه «بمشروع» نهضوي كبير وطموح نلتف جميعاً حوله لننقذ مصر والأجيال القادمة.. فهل هذا مستحيل؟

Saturday, October 13, 2007

أفضل أفلام السينما المصرية

أفضل أفلام السينما المصرية

١٣/١٠/
٢٠٠٧

طرحت جريدتنا الغراء «المصري اليوم» استفتاء عن أفضل عشرة أفلام وذلك بمناسبة العيد المئوي للسينما المصرية، ومن وجهة نظري ارشح هذه الأفلام والتي تعبر عن واقعنا الحالي:

* عفريت مراتي.. الفيلم يروي مأساة الراتب أو المعاش والذي تستقبله أم العيال كل أول شهر ثم سرعان ما يختفي في أسبوعه الأول.

* خرج ولم يعد.. الفيلم يحكي عن القروض التي خرجت ولم تعد وانتهت بالحل الأمثل في بيع البنوك.

* السلخانة.. الفيلم يحكي عن تعذيب المواطنين من بعض أفراد الشرطة من أصحاب الأنفس المريضة داخل أقسام الشرطة.

* أبو حديد.. الفيلم يحكي عن قضية الاحتكار.. ومعجزة الأربعين مليار.

* الخادمة.. الفيلم إنتاج مصري سعودي مشترك ومن إنتاج وزارة القوي العاملة.

* السراب.. الفيلم يحكي عن الانجازات لحزب الأغلبية غير الملموسة.

* بين السما والأرض.. الفيلم يحكي عن حال المواطن بين دخله وارتفاع الأسعار.

* لا أنام.. الفيلم يحكي عن أرق كل صحفي شريف يكشف الفساد وينتقد سياسة الدولة.

* تجيبها كده.. تجيبها كده.. هي كده.. الفيلم يحكي عن كادر المعلمين بعد أن تمخض الجبل فولد فأراً الفيلم من إنتاج وزارة التنمية الإدارية.

* بابا عايز كده.. الفيلم يحكي عن توريث الحكم للأبن والذي يعلن من جانبه الرفض دائماً.

أمين أبو نضارة

Friday, October 12, 2007

ابو صفر رايح يجيب كمان صفر جديد

اضغط على اسم هلال لتعرف تاريخه الرائع او ابحث على جوجل بنفسك
هلال يبدأ حملة ترويج ترشيح فاروق حسني لمنصب مدير اليونسكو

كتب أبوالسعود محمد ١٢/١٠/٢٠٠٧
يبدأ الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي، رئيس اللجنة الوطنية لليونسكو، صباح بعد غد «الأحد»، رحلة دعم ترشيح فاروق حسني، وزير الثقافة، لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو.

وقال هلال إنه علي رأس وفد مصري شارك في الدورة الرابعة والثلاثين للمؤتمر العام للمنظمة، مشيراً إلي أن هذه الدورة تعد فرصة سانحة لدعم المرشح المصري، وتقديمه إلي المجتمع الدولي والدول الأعضاء للمنظمة، خاصة أنني أشارك علي هامش الدورة في الاجتماع التنسيقي لرؤساء وفود الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، لتدارس سبل التعاون بين المنظمتين، وهو ما يعطينا الفرصة للترويج لهذا الترشيح.

وأوضح أنه سيستعرض، في كلمته التي سيلقيها، التوجهات المصرية إزاء العديد من القضايا المتعلقة بتعزيز التعاون بين مصر واليونسكو.

وأضاف أنه علي هامش مشاركته في أعمال هذه الدورة، سيلتقي المدير العام لمنظمة اليونسكو، ونواب مساعدي المدير العام للنشاط بين مصر والمنظمة في مختلف القطاعات لبحث أوجه الدعم في هذه القطاعات

Thursday, October 11, 2007

حلوة دي

إعلانات رديئة في الشهر الكريم

بقلم د.عمرو الشوبكى ١١/١٠/٢٠٠٧

في شهر رمضان المبارك هناك تخمة في كل شيء، في الطعام والفوازير والمسلسلات والبرامج التليفزيونية، وبين هذه الأشياء لابد أن نجد تخمة مضافة متمثلة في الإعلانات التليفزيونية، خاصة إذا ذهبت إلي بعض الأقارب أو الأصدقاء، الذين لايزال لديهم هوائي يلتقط القنوات الحكومية المصرية، وتشاهد معهم بعض برامج ما بعد الإفطار، لتبتئس ليس فقط بسبب سوء هذه البرامج، إنما أيضا بسبب الإعلانات التي غزتها وقطعت أوصالها لتزيدها سوءا ورداءة، لأنها نجحت أن تنال «الحسنيين» أي تفاهة المضمون ورداءة الرسالة.

هناك أولا الإعلانات التي تنتمي إلي «ثقافة الاستجداء»، وهي الخاصة بدعم مستشفي السرطان، وهو أمر أثبتت التجارب أنها غير فعالة في حث الميسورين علي تقديم الدعم، وإن هناك طرقًا كثيرة يمكن بها حث المواطنين ورجال الأعمال، علي دعم هذا المشروع بطرق مختلفة عن تلك التي يقدمها التليفزيون المصري للأيتام ومرضي السرطان، وتتمثل في حملات توعية شعبية بين الناس، وخاصة الميسورين منهم، من أجل خلق وعي عام وليس جو «شحاته عام» لدعم هذه المؤسسات.

وبما أن الحكومة اعتادت علي الطريقة التليفزيونية، التي فيها كثير من الاستسهال، وقليل من الجهد، لدعم هذا المستشفي، فإن كارثتها الحقيقية لم تكن أساسا في هذه النوعية من الإعلانات، إنما في إضافة مشهد جديد، تمثل في استيراد مجموعة من الأجانب في هذا الإعلان، بينهم صبية إيرانيون، والباقون كنديون، يعلنون أن دفاعهم عن قيم «العدالة الاجتماعية» و«التضامن الإنساني»، هي التي دفعتهم إلي دعم بناء مستشفي السرطان، وهي القيم التي طلب منهم أن يرددوها في الإعلان التليفزيوني، في ظل واقع مصري لا يعرف عنها شيئا.

ويبدو أننا اعتدنا أن نستورد كل شيء، ونتحدث أيضا في أي شيء، حتي لو كان عن قيم لا نعرفها، بل ولم نسع إليها، وبالتأكيد فهو أمر سهل بالنسبة للحكومة أن تستورد مجموعة «خواجات»، ليتحدثوا عن العدالة الاجتماعية، بدلا من أن تسعي إلي تطبيقها في مصر، التي لم تعرف في تاريخها الحديث تفاوتا اجتماعيا وطبقيا مثل الذي نعرفه الآن.

والحقيقة أنه لو كانت هناك عدالة اجتماعية حقيقية، لما احتاجت الحكومة أن تغرس ثقافة الاستجداء والتسول، باعتبارها من «القيم العليا» لهذا العصر، ولكان مشروع بناء مستشفي السرطان قد أنجز دون الحاجة لاستيراد مواطنين كنديين لإلقاء خطبة في إعلان مصري.

أما النوعية الثانية من إعلانات التليفزيون الحكومي، فهي تلك التي يمكن وصفها بكل أسف بالإعلانات غير الأخلاقية، التي تعكس حجم الانهيار القيمي، الذي أصاب عقول مسؤولينا، ونظرتهم إلي الأخلاق والصح والخطأ، والحلال والحرام، وكل القيم النبيلة التي يفترض أننا تربينا عليها، وهنا يظهر بجلاء هذا «الإعلان السياحي» عن مسألة التحرش الجنسي، التي يتعرض لها بعض السياح الأجانب.

ويبدأ الإعلان بجلوس سائحتين أجنبيتين بجوار شاب مصري لمشاهدة حفلة رقص شعبي في أحد المسارح الصغيرة، ويبدأ أحد الشباب في وضع يده علي جسد إحدي هاتين الفتاتين، فتنهره بشده وتنصرف تاركة المكان، فيتحسر صاحب المتجر أو المسرح، ليس علي هذا السلوك، إنما نتيجة ضياع الإيراد، وتظهر خزينته خاوية من النقود، ثم يعود هؤلاء الشباب في المشهد التالي، ويقومون بترك أماكنهم للسائحات والترحيب بهن، فتكون نتيجة هذا السلوك الجديد أن غرق صاحب المحل في «الرخاء»، ونشاهده يعد النقود بطريقة المرابي اليهودي في روايات شكسبير.

وهنا تبدو الرسالة شديدة السوء حين ربطت بين الأخلاق ورفض التحرش الجنسي، وبين جمع المال، أي أنه يجب التوقف عن ممارسة التحرش الجنسي، حتي يسترزق التجار ورجال الأعمال والدولة «ويأكلوا عيش»، وليس باعتباره سلوكًا منحطًا يجب أن يسعي الجميع لوقفه بالقانون، بصرف النظر عن نتائجه المادية.

هل يعقل أن يربط مجتمع بين دفاعه عن الأخلاق وبين الثراء المالي؟ وهل يصبح التحرش بالفتيات المصريات حلالاً، لأنه بلا عائد مالي، أو لأنهن لا يجلبن العملة الصعبة للبلد، وأن فعل ذلك بالأجنبيات حرام لأنهن يجلبن المال؟.

إن هذه الطريقة في التعامل مع أمراضنا الاجتماعية زادتها سوءا، وأن محاربة جريمة مثل التحرش الجنسي يجب أن تتم بمعزل عن عائدها المادي، وإلا حللنا السرقة والغش والرشوة، باعتبارها طرقًا أيضا للتربح، وهو ما يبدو أننا في طريقنا لفعله.

والحقيقة أن هذا الإعلان لم يخرج علي ثقافة عامة غرستها الحكومة في المجتمع، كقول أحد المسؤولين بعد حادثة إرهابية «الحمد لله كل الضحايا من المصريين». أو النظر إلي السياح الذين ماتوا من جراء بعض هذه العلميات باعتبارهم أرقامًا مالية، وليسوا أرواحًا سقطت ضحايا هذا الإرهاب الأسود.

أما النوع الثالث، فهو ما يمكن تسميته بالإعلانات البلهاء، وهنا يأتي إعلان الشاب الذي يجلس في مقهي، ويناديه «داعي» مطالبا إياه بالذهاب إلي محطة القطار من أجل البحث عن عمل، ويدعوه إلي أن يعمل في أحد المصانع كعامل حتي لا يبقي عاطلا «ويفوته القطار».

والمؤكد أن مشهد خريجي الجامعات الذين يرغبون في العمل في المقاهي وفي المصانع أكثر من أن تعد، وأن المشكلة الحقيقية في أن يجدوا أي عمل، وليس في أن بعضهم «يتبطر» علي بعض الأعمال تحت حجة أنه يحمل «مؤهل عالي».

إن مشكلة مصر في البطالة، وليس في رفض البعض القيام بأعمال لا تتناسب مع مؤهلاتهم، وهم جزئيا محقون في ذلك، ولكنه يطرح سؤالاً آخر يتعلق بأسباب أن تصرف الدولة علي آلاف المتعلمين وتوهمهم أنهم حصلوا علي مؤهل عال، ثم بعد ذلك لا يجدون أي فرص عمل حقيقية تتناسب مع ما سمي «بالمؤهل العالي».

أما النوع الرابع فهو يمكن وصفه بالإعلانات التعبوية التي تفكرك بالنظم الشمولية أو إعلانات الحقب الستالينية في الاتحاد السوفيتي المنهار، رغم أنها صادرة عن أحد رموز الفكر الجديد، وهو إعلان «حديد عز» الذي يعلن فيه العاملون بصوت واحد سعادتهم بالعمل مع أحد رموز الاحتكار في مصر، وأنهم لا يمكن أن يعملوا في مكان آخر غير هذه الشركة، وهم «هتيفة جدد» حتي لو كانوا يبدون أكثر أناقة من هتيفة الحرس القديم في الحزب الحاكم، الذين صرنا نترحم عليهم، رغم أنهم أساءوا إلي البلد، وأضاعوا فرصًا عديدة للإصلاح، وأخطأوا في الكثير، ولكن كان في عصرهم هناك بلد ودولة ونظام، وليس عزب وبقايا نظام وما يشبه الدولة.

عيد سعيد

محلات شمعون تقدم اقوى التخفيضات
على الفودكا و الويسكي الفاخر
بمناسبة عيد الفطر المبارك
كل عام و انتم بخير