المصريون في نعيم |
بصراحة وبكل صراحة، الحياة في مصر عال العال، والناس غارقة في السعد والنعيم والحريات، ولا هم للمسؤولين -الله يعمر بيوتهم- سوي رعايتنا والسهر علي راحتنا، وتحصيننا من شرور الحساد والعزال، وسلام علي الناس الحلوين، وألف كبة لمن يشوهون هذه الجهود ويسودون الدنيا في عيون الناس. وبجد شكراً لوزير المالية لفرضه ضرائب جديدة علي الوحدات السكنية الخالية، ياسلام علي المشاعر الجياشة، ومنتهي الإحساس بالناس، هدية الوزير وصلتنا جميعاً والشعب قبل الهدية، والحكاية ليست حكاية ضريبة جديدة أضيفت إلي ضريبة المبيعات و ضريبة الدخول والدمغات وضريبة الأرباح التجارية...إلخ. وإنما الحكاية حكاية حكومة أفلست بعد فقدانها كل مواردها، وبيعها معظم الأصول للأجانب بأرخص الأثمان، وتبرعت بالباقي منحاً وهبات للأحباء والجيران، ولم يعد أمامها سوانا، تمد يدها إلينا فهل نخذلها؟ وهل يصح أن نتركها للي يسوي واللي مايسواش؟ لا ياعم غالي، نحن جدعان جداً ولسنا أقل منك وطنية، ومتشوقون لدفع المزيد من الضرائب، ومستعدون للاستغناء عن أمتعتنا وخلع ملابسنا لأجل خاطر عيون الحكومة، نحن شعب مسالم لا يغضب ولا يثور ولا يعترض، يجيد السمع والطاعة وتنفيذ الأوامر، ربما يغفل عن كلمة حق لكنه لا يغفل أبداً عن كلمة نعم، ونحن معك يادكتور يوسف ووراءك، زد الرسوم والضرائب والدمغات والعوائد، وأعف سكان مارينا من كل ما يعكر صفو حياتهم، وارفع الدعم إذا شئت عن مستحقيه، فحكومتنا أولي بلحم ثيرانها. ونرجو يامعالي الوزير أن تبلغ تحيتنا لوزير الإسكان، ذلك الفهد الذي وقف سداً منيعاً أمام السماسرة، ورفض العمل بسياسة البخت والقرعة والجلا جلا والمزايدات في عمليات التخصيص، ليقينه بأن هذه السياسة: * لا تليق بوزارة الإسكان المصرية التي تعتبر من أعرق الوزارات في الشرق الأوسط، ولا يجوز ونحن في القرن الحادي والعشرين أن يكون همها الوحيد هو جمع المليارات بفكر مفلس، وإلا ما الفرق بينها وبين من يسوقون لثقافة (اليانصيب) عن طريق زيرو صفر ميه زيرو تلات نصبات؟ *الأرض ملكية عامة للمصريين ولا يصح التفريط فيها بالمضاربة حتي لا تكون الكلمة الأولي والأخيرة لتجار المخدرات وأصحاب غسيل الأموال، مما يجعل التنمية العقارية من الأمور المستحيلة. * إن مثل هذه السياسة تخلق ارتفاعاً وهمياً في الأسعار، وتغذي في الناس ثقافة التكالب، وتخلق مناخاً سيئاً لاستثمار الوهم تكون نتيجته انهيار السوق العقارية انهياراً تاماً. والشيء الوحيد الذي أعاتب عليه وزير الإسكان أنه يكلف نفسه فوق طاقتها، ويجهد نفسه في توفير شقق تتجاوز مساحتها ٤٠ متراً وهي مساحة كبيرة جداً، يرمح فيها الخيل، ورفاهية زائدة لا يستحقها محدودو الدخل، خاصة أن هناك دولاً أكثر تقدماً تكتفي ببناء شقق علي مساحة لا تزيد علي ٢٨ متراً بينما تكتفي دول ما وراء الترع بخمسة أمتار فقط للشقة، ومن الممكن أن يكتفي شبابنا بتخيل شقتهم ويسكنون في هذا الخيال لحماية الوزير من ارتفاع أسعار الطوب والأسمنت والحديد...إلخ. ولسنا في حاجة للحديث عن مزيد من إنجازات بقية الوزراء، فهي أكثر من أن تحصي، وحصوة في عين من لا يصلي علي النبي، وكل ما علينا أن نقبل أيدينا وش وضهر، علي كل هذه النعم حتي لا تزول من وجهنا، ونعلن تفانينا في حب الحكومة، مهما جري لنا من تحت رأسها، لأن تعذيب الحبيب مثل أكل الذبيب، ومن المؤكد أن التراجع الذي نشهده في جميع مرافقنا العامة، وفقدان السوق كل الضوابط والرقابة، والارتفاع المزعج الرهيب في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، كلها أمور افتعلتها الحكومة لتختبر بها صبر الناس علي تحمل البلاوي، وتقيس درجة توهج حرارة مشاعرهم تجاهها. لكنها كانت تعمل في صمت وتتحرك بعجلة التنمية في الخفاء، لتحمينا من الحسد، ويمكنني التدليل علي ما قلت بما صرح به رئيس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، وأكد فيه علي ازدهار الاقتصاد المصري، وارتفاع معدلات نموه لأرقام غير مسبوقة، وحدوث تطور هائل في الاستثمار الأجنبي والمحلي، ولا أعرف ماذا تفعل لنا الحكومة أكثر من هذه التصريحات العبقرية، إذن الدنيا بخير طالما لايزال مخزون القمح يكفينا لمدة شهر أو شهرين، الدنيا بخير طالما أن طن الحديد ارتفع فقط من ١٢٠٠ جنيه عام ٢٠٠١ إلي ٣٧٠٠ جنيه عام ٢٠٠٧، وطن الأسمنت من ١٢٠ جنيهاً عام ٢٠٠١ إلي ٤٢٥ جنيهاً عام ٢٠٠٧. الدنيا بخير طالما أن العنصرية محدودة في توزيع الدخول، ويتقاضي البيض من الموظفين في الوزارات ثمانية أضعاف ما يتقاضاه السود من العاملين التابعين للمحليات، الدنيا بخير طالما تسير مصر نحو التفرد، فلأول مرة في تاريخنا المعاصر، يوافق نظام علي حبس خمسة رؤساء تحرير صحف حزبية ومستقلة دفعة واحدة ومعهم حبة فكة، وجمايل الحكومة علينا كثير وكلما زدناها حباً، زادتنا من مفاجآتها السارة. ولا أوافق الدكتور (ميلاد حنا) علي ما صرح به لـ«الدستور» يوم السبت الماضي، وحمل الحزب الوطني مسؤولية انهيار الحياة السياسية في مصر وهو افتراء، فلا توجد حياة سياسية في مصر أصلاً، وكله بالبركة، واللي بنخاف منه مايجيش أحسن منه، ألم أقل لكم إن المصريين في نعيم، ولا ضرورة للتشاؤم لأنه سيقودنا للتهلكة، ولكي نتفهم واقعنا جيداً، علينا أن نراه بنظارات أعضاء الحزب الوطني، لنعرف متي نصمت ومتي نصمت؟ ماذا يجب علينا وماذا يجب علينا؟ متي نقول نعم ومتي نقول نعم؟ هكذا تكون الديمقراطية، وهكذا نضمن العيش في النعيم وتوتة توتة ماتت الحدوتة |
Saturday, October 27, 2007
El masry el youm
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment