٧٥ مليون منتحر |
«أمة في خطر».. عنوان الكتاب الذي أصدره الرئيس كنيدي عندما تراجع مستوي التعليم في أمريكا بالستينيات، رغم قوتها الاقتصادية، وتقدمها التكنولوجي وتفوقها العسكري - لينبه، ويحذر، ويدق ناقوس الخطر، وقامت الدنيا ولم تقعد حتي أصلحوا التعليم ووضعوه مع البحث العلمي كأولويات! فما بالك بحالنا وما وصلنا إليه من انهيار.. ترد.. تقهقر.. انحدار.. سقوط في كل مناحي حياتنا، وعلي كل المستويات، بعد أن غرقنا جميعاً في «مستنقع» الصراعات، بالتحريض والتربص والتحرش والتشويه وتصفية الحسابات والانتقام، وأمسكنا بمعاول الهدم لإسقاط المعبد علي رؤوسنا. الكل ينتحر، وكل بطريقته.. «المجموعة الحاكمة»، تعيش حالة صراع محسوس ومسموع وواصل.. «الأحزاب» أسوأ من الحزب الحاكم.. «النقابات» شللية بسبب التربيطات الانتخابية والمصالح الشخصية.. «المجالس النيابية» أغلبية من عبدة المأمور.. و«الشعبية» فساد للحلقوم.. «الوزارات والهيئات» في حالة حرب باردة.. «المؤسسات» مفلسة ومنهارة إلا قليلاً.. «الوسط الصحفي والثقافي» أجارك الله.. «العائلات» معظمها يشكو النصف الآخر في الأقسام وأمام المحاكم.. «الأجهزة» تتربص ببعضها.. «الشارع» الناس تنتحر والرجوع إلي المنزل سالماً أصبح أمنية، بعيداً عن الإصابات أو القتل في حادث أليم.. و«الفتيات والنساء»، يتعرضن لأبشع أنواع التحرش والعنف والسطو والترويع. فماذا بقي لنا؟ «التعليم» كارثة.. «الصحة» في خبر كان.. «الخدمات» كله بثمنه (الرخصة بمائة، والمخالفة بعشرين، وأي شهادة لها تسعيرة، والطوابير ممتدة، والكوسة شغالة، واللي له ظهر ما يضربش علي بطنه).. «سلوكيات البشر» هي التخلف بعينه والبركة في شيوخنا بفتاواهم وآرائهم وتدخلاتهم وأحاديث القرون الوسطي.. أما «القانون» فمنه الجاهز والتفصيل.. و«العدالة» غير ناجزة.. باختصار: الدولة في غيبوبة، وبسبب عجزها وترهلها فقدت السيطرة، وخسرت الهيبة، ولم تعد قادرة علي القيام بدورها، فانتشرت العشوائيات، وانتصرت الغوغائيات، وساد الإهمال والتسيب والانفلات، وعمّ الفساد، وعششت الخرافات. وفي ظل هذا المناخ الملوث بكل أنواع الخلافات والخناقات والتخوينات والشائعات والتآمر والضرب، فوق وتحت الحزام، لم يعد هناك «رايق» واحد يمكنه الخلق أو الابتكار أو الإبداع للنهوض بمستوي الإنسان وأصبحنا نعيش في غابة من عالم الحيوان! ولا أحد يناقش قضايانا الحقيقية والمصيرية: البطالة.. الإدمان.. التلوث.. المرور.. حماية المستهلك.. الاستثمار.. التصدير.. التدريب والتأهيل.. هروب الشباب ورمي أنفسهم في البحر.. الاحتكار للثروة والسلطة.. البلطجة والفوضي.. النظافة.. الانفجار السكاني.. مستقبل مصر السياسي والاقتصادي، في ظل المنافسة الشرسة والاتفاقات الدولية.. إعادة بناء الإنسان المصري بعد أن فقد كل المواصفات القياسية لمعني كلمة إنسان و.. و.. و... والأدهي من ذلك: «المجاعة القادمة» لا محالة بعد أقل من خمس سنوات لأسباب ثلاثة محسومة ومحسوبة: أولها: اتجاه العالم للاستغناء عن البترول باستخدام المنتجات الزراعية لإنتاج الإيثانول (الكحول) كطاقة نظيفة وبديلة وأرخص من ثمن البرميل أبو مائة دولار، وبالتالي سيقتطع ٢٠% من المساحة المزروعة حول العالم في أستراليا وكندا وأمريكا وأوروبا والبالغة ٨،٣ تريليون فدان لزراعة محاصيل خاصة بإنتاج الإيثانول.. بالإضافة إلي رفع الدعم عن المزارع هناك، وبناء عليه سترتفع أسعار الحبوب والزيوت والسكر والألبان واللحوم والفاكهة عشرة أضعاف السعر الحالي، وبما أننا نستورد ٥٥% من غذائنا فسوف يدفع المواطن المصري السعر نفسه، الذي سيدفعه المواطن الأمريكي والأوروبي مع الفارق الشاسع في الدخول والرواتب، ناهيك عن خفض أو رفع الدعم في مصر خلال المدة نفسها!! ثانياً: عدد سكان العالم يزداد سنوياً بحوالي ١٥٠ مليون نسمة يحتاجون إلي غذاء وماء. ثالثاً: مصر تزيد مليوناً وثلاثمائة ألف «فاه»، جديد سنوياً، وحسب آخر إحصائيات منظمة «الفاو» سيصل تعدادنا في ٢٠٦٠ إلي ٣٦٤ مليون مصري، ليصبح نصيب المواطن في المساحة المزروعة بعد استقطاع الامتداد العمراني هو «متر مربع واحد»، يعيش منه ويدفن تحته «مقرفص». والحل: في يد الرئيس مبارك وحده.. لماذا؟ لأن تاريخ مصر القديم والحديث يقول: إن «الفرعون» الذي كانت لديه إرادة حقيقية لنهضة مصر كان يصل بها إلي أن تصبح أعظم إمبراطورية تحكم من بلاد الفرس شمالاً وحتي إثيوبيا جنوباً، ليأتي «فرعون» تال هبط بمصر للحضيض حتي يأكل الناس القطط والكلاب الميتة في الشوارع، حتي يأتي «فرعون» جديد لديه رغبة عارمة في النهضة، وبنفس الموارد والإمكانيات والناس يجعل مصر مزرعة العالم، ومخزن غلال للرومان ليحيا المصريون في نعيم وازدهار.. حتي يصابوا ««بفرعون» بلا طموح فينحدر بمصر وتحل المجاعة، ولا يجد المصريون ما يقتاتون به فيلتهمون جثث بعضهم بالمقابر!! ونروح بعيد ليه؟ «عبدالناصر» وحده هو الذي قرر الحرب علي إسرائيل فخرج الشعب يهتف: «هنحارب.. إسرائيل الأرانب»، وجاء «السادات» وبمفرده قرر الصلح مع إسرائيل فخرجنا نرقص ونطبل للسلام والصلح مع إسرائيل.. وأتي «مبارك» بسياسة اللا حرب واللا سلم مع إسرائيل، فعشنا في حالة اللا سلم واللا حرب مع إسرائيل! بالمختصر المفيد: منذ ستة آلاف سنة وحتي اليوم، دائماً تأتي المبادرة أو المشكلة أو الحل من «فوق» من الفرعون الحاكم، ولم يحدث أبداً أن خرجت مبادرة أو حل من تحت لفوق. ولهذا فالكرة بملعب الرئيس مبارك، وعليه وحده أن يخرج علينا بـ«مبادرة» لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إلي أن يأتي خلفه «بمشروع» نهضوي كبير وطموح نلتف جميعاً حوله لننقذ مصر والأجيال القادمة.. فهل هذا مستحيل؟ |
Tuesday, October 16, 2007
المجاعة الجاية
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment