Monday, August 27, 2007

El engazaatttt

في الممنــوع

 
بقلم  مجدى مهنا    ٢٧/٨/٢٠٠٧

علي حد علمي.. ربما هذه هي المرة الأولي التي يستخدم فيها الرئيس حسني مبارك تعبير «إنجازات الشعب المصري» في خطابه السياسي.

قال الرئيس مبارك، في تصريحات خاصة لصحيفة «أخبار اليوم»، الصادرة أمس الأول: «إنه لا تهاون ولا تراخ في مواجهة القلة التي تحاول الإثارة وتشويه الإنجازات العظيمة، التي حققها الشعب المصري بجهده وعرقه».

وبعيدا عن ماذا يقصد الرئيس مبارك بهذه القلة.. هل هي جماعة الإخوان المسلمين أم الإخوان مع تنظيمات سياسية أخري، أم هؤلاء وهؤلاء ومعهم بعض الصحف، التي ألقت كل الخطوط الحمراء في نقد نظام الحكم؟

المهم أن الرئيس مبارك توعد هذه القلة بالملاحقة، وبعدم التهاون، أو التراخي معها.. وسوف يقطع دابرها ويسحلها ويفرمها، إذا لم تتراجع عن خططها ومواقفها الرامية إلي النيل من الإنجازات العظيمة لشعب مصر.

لم يقل الرئيس مبارك: إنجازات الحزب الوطني أو إنجازات حكوماته أو إنجازات نظام الحكم.. إنما قال: إنجازات الشعب المصري.. فقد ساوي الرئيس بين الحزب الوطني وحكوماته وبين الشعب.. أو ربما خلط بينهما.

إن الرئيس لا يدافع عن الحكومة الحالية، ولا عن الحكومات السابقة، ولا عن الحزب الوطني.. إنما يدافع عن مصالح وإنجازات الشعب.. فالرئيس قد يتهاون أو يتراخي فيما يتعلق بالمساس بالحكومة أو بالحزب الوطني.. إلا أنه لا يتهاون ولا يتراخي، عندما يتعلق الأمر بالشعب المصري، وبإنجازاته، التي وصفها بالعظيمة.

والشعب طبعا.. ليست له علاقة بالأمر من قريب أو بعيد.. وهذه الإنجازات العظيمة أو غير العظيمة، إذا كانت هناك إنجازات بالفعل، فهو لم يشارك فيها، ولا يعرف عنها شيئا.

لقد أراد الرئيس مبارك أن ينسب هذه الإنجازات إلي الشعب، لكي يكسبها الحماية والحصانة، ويضفي عليها القداسة.. ومن يقترب منها فقد سمح لنفسه بالوقوع في الدائرة المحظورة، وهي توقيع أشد العقاب عليه.

والشعب صاحب هذه الإنجازات العظيمة يريد أن يعرف ما هي تلك الإنجازات؟

هل يذكرها لنا الرئيس مبارك؟

هل تراجع الدور المصري الخارجي، وإصابته بالوهن والضعف، هو أحد هذه الإنجازات؟.. هل سياسة بيع القطاع العام والتخلص من ممتلكات الدولة، من بين تلك الإنجازات؟.. هل شكوي الناس المستمرة من ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات وتدني مستوي معيشتها هو الإنجاز العظيم، الذي نسبه الرئيس مبارك إلي الشعب المصري؟

قل لنا يا سيادة الرئيس: ما هي إنجازات الشعب .. حتي ندافع عنها، ونحافظ عليها بعيوننا من القلة المارقة؟!

Friday, August 17, 2007

نهاية نظام قاتل و مآسي الغلابة

كتب عمر حسانين وهاني رفعت ١٧/٨/٢٠٠٧
«حاولت التخلص من حياتي ٤ مرات وفشلت، فإذا نجحت هذه المرة فإن ذلك تم بمحض إرادتي، فلقد كرهت الحياة بعد أن فشلت في العلاج من المرض وهزمني الفقر فلم أستطع الإنفاق علي عروستي التي تزوجتها منذ شهور لأنني لم أجد فرصة عمل».. هذه الرسالة القصيرة تركها عامل زراعي من الفيوم وسط متعلقاته الشخصية ونفذ عملية انتحاره بشنقه علي لوحة إعلانية علي طريق القطامية- العين السخنة. تلقي اللواء إسماعيل الشاعر مساعد وزير الداخلية مدير أمن القاهرة إخطارا بالواقعة.
وسط الملايين من الذين يعيشون تحت خط الفقر، نشأ محمد حسين عيد محمد في طماي بالفيوم، وصل قطار عمره إلي المحطة السابعة والثلاثين ومنتهي أحلامه أن يتزوج ويجد وظيفة توفر له قوت يومه، ويشفي من المرض الذي أصاب جسده بحساسية الصدر، لم ينل إلا قسطا بسيطا من التعليم ثم التحق بالعمل أجيرا في المزارع والحقول. نجح في تدبير مبلغ بسيط حصل من خلاله علي شقة بنظام الإيجار المؤقت في كفر الجبل بالجيزة، منذ شهور بسيطة زفه أقرانه في حفل عرس متواضع إلي الفتاة التي اختارها من بنات قريته انتقلا إلي العش الجديد الذي يفتقد كل وسائل الإعاشة.
بدأ العروسان رحلة صراع من أجل توفير ثمن أرغفة الخبز، عاودت الأزمات التنفسية العريس، فراح يتردد علي المستشفيات الحكومية بحثا عن العلاج دون فائدة. اشتدت قسوة الحياة عليه وحاول أن يجد فرصة عمل تدر عليه دخلا يكفيه التسول فلم يجد. هجر المسكن وراح يهيم علي وجهه في الشواع حتي تمكن منه مرض نفسي أدخله مستشفي مصر الجديدة للطب النفسي اشتد الحصار عليه، عاد آخر مرة إلي مسكنه ولم يودع عروسه التي تتألم من الجوع، سوي بنظرة منكسرة.
اتخذ أخطر وآخر قرار في حياته وهو التخلص منها بالانتحار. في أول محاولة أنقذه القدر من تحت إطارات سيارة مسرعة ونجا ثلاث مرات أخري لكنه لم يتراجع.. هداه تفكيره إلي تنفيذ عملية إعدام شخصية في الصحراء بعيدا عن البشر الذين رفضوا مساعدته في مواجهة الحياة ويقفون حائلا أمام تخلصه منها.. دبر حبلا طويلا وصنع منه مشنقة ربطها في عنقه، وتحت يافطة إعلانية كبيرة بالقرب من محطة وقود بطريق القطامية- العين السخنة بني كرسي الإعدام بكمية من الطوب والحجارة وقف عليه، وألقي بطرف الحبل إلي قمة اليافطة ثم دفع الطوب والأحجار وفارق الحياة وسط صفير رياح المنطقة الصحراوية.
انتبه العاملون بمحطة الوقود إلي المشهد المرعب. انتقل المقدم عبدالله عباس رئيس مباحث القاهرة الجديدة أول لمكان الواقعة، وعثر بحوزة الضحية علي خطاب موقع منه بأنه انتحر بمحض إرادته بعدما فشل في التصالح مع الحياة وأنه حاول ذلك ٤ مرات

Monday, August 13, 2007

نبيل فاروق يتهاوى

د. نبيل فاروق
الحقيقة الراجل ده انا كنت معجب جدا بكتاباته لكن مؤخرا منذ حوالي
اربع سنوات لاحظت ان انتاجه اصبح ذو شكل اخر
.... ربما لم يكن كما تعودنا من د.نبيل و حينما قرأت خلافه مع حمدي مصطفى
الناشر الاول له لم يعجبني حدة الخلاف الذي كان حقيقة سيء للغاية ليكشف
مدى تدهور الاخلاق في مصر الآن لم اتوقع كم الاهانات بينهما
ثم قرأت لنبيل فاروق مؤخرا حديث على عشرينات
و يالهول الكلام
ماذا حدث لك يا نبيل?
هل ضغوط الحياة في مصر قاتلة لذاك الحد?
و تكلم عن مصر بدفاع عن اسوأ ما فيها
اين مصر? التي تعطي الناس?
و كهربة اية و مية اية بس?
انتا بتهزر اكيد بتهزر?
كلام لا يصح ان يخرج من فم كاتب له تلك الاعمال الكبيرة
و رمز آخر يتهاوى امامنا
نعم هو انتقد و لكن قال في اضيق حد
اتمنى الا يتحول احمد خالد توفيق تحت ضغوط الحياة لمثل نبيل فاروق
!و مصاريف الحياة يا دكتور جعلتك تنازلت عن نفسك
و كيف تضع اولادك في جامعة خاصة اليست هذه سرقة لمجهود الفقراء
و ما هو عيب جامعات الحكومة
راجع نفسك يا نبيل و لا تتغير ارجوك
رمز آخر هوى
ياللعار

القيمة والبهيمة

بقلم خالد الخميسي ١٣/٨/٢٠٠٧
كنت دائم التساؤل حول الموقف، الذي يجب أن أتخذه أمام أي شخص يواجهني بحقيقة أن مصرنا غير نظيفة وأن المصريين بطبيعتهم «وسخين» وأن الأمر ليس له علاقة بالفقر، وأن الريف المصري هو أوسخ ريف شاهده محدثي في حياته.
وعلي مر سنوات عمري ابتدعت عشرات النظريات العلمية جدا السوسيو - اثنية والجيو - باذنجانية المرتبطة بالفلاحة والطمي والطين والفن للدفاع المستميت الذي لا هوادة فيه أمام تلك الترهات، ولكن عندما وطأت قدمي الأراضي المقدسة لتلك القرية، وهي مقدسة لأن سكانها لم ينظفوها من العصر الجيولوجي الأول، ألقيت بكل نظرياتي التبريرية داخل سلة مهملات ذهني، ولكن الشجاعة لم تواتني للقيام بمحو مقتنيات تلك السلة حيث إنني كنت متأكدا أنني سوف أحتاجها في يوم من الأيام. وعبر طريق بمحاذاة ترعة ضيقة جلست السيدات والبنات علي الجانبين يغسلن الصحون والحلل والملابس بجلابيبهن التي كانت في زمن ما ملونة.
ولا أنكر أنني اختلست النظر إلي وجوه بعض الفتيات الجميلات جمالا مصريا باهرا، وبادلتني إحداهن نظرة ناعسة، غردت علي إثرها البلابل في قلبي، واكتست القرية أمام عيني بحصيرة من الورود. وصلت إلي بغيتي وهو منزل من الطوب الأحمر يسكن فيه الأستاذ حسين.
كانت السلالم غير اعتيادية علي الإطلاق، فكل درجة علي ارتفاع مغاير تماما لزميلتها مع وجود عشرات الثقوب والحفر، وكان في الجو ظلام خفيف رغم أن النهار لم يكن قد انتصف بعد، وقد احتجت لكل طاقاتي الكامنة ومرونتي لأتمكن من الصعود للطابق الأول.
فتح لي الباب الأستاذ "حسين" أمين عام الحزب الوطني في القرية وهو رجل في الأربعين من العمر، مريح الوجه، يبدو علي ملامحه نقاء السريرة، يتكلم بلكنة ريفية محببة، أدخلني إلي شرفة مفتوحة كان يجلس فيها "حودة" ابن عمه العاطل عن العمل، وابن عم آخر عاد منذ أيام من غربة طالت في إيطاليا كان يعمل خلالها مرمطون ثم طباخا في مطعم ليدخر مبلغا يشتري به قطعة أرض، وبعد أن وصلت مدخراته إلي عشرات الألوف من اليوروهات عاد إلي بلده. وامتد اللقاء إلي المغرب، وفاق كرمهم معي كل حد، من شاي وينسون ونعناع إلي وليمة من ولائم القرن الثالث عشر، تبادلنا خلالها حوارا من القلب:
الحزب الوطني مش مهتم غير بالاشتراكات، الاشتراك بثلاثة جنيه ونصف في السنة، وبالمبلغ ده العضو ياخد كارنيه الحزب، وكل شوية يطلب الحزب تجديدا نصف سنوي من التشكيل نفسه، وتلاقيني أنا باعتباري أمين الحزب بادفع فلوس من جيبي للتجديد، طب أنا من كام يوم بس اضطريت أدفع ١٠٠ جنيه للحزب عن المشتركين الجدد، ما هما ما عندهمش فلوس ياكلوا، وطبعا ما عندهمش انتماء للحزب، إذا كان ما حدش عنده انتماء للوطن أصلا، لكن تقول إيه بقي؟ النفر من دول يقول لك كارنيه أبيض يمكن ينفع في اليوم الأسود اللي إحنا عايشين فيه.
وبصراحة، الحزب ما بيعملش أي حاجة تخللي أي واحد ينتمي إليه، أنا بقالي سنين أمين الحزب ما باسمعش من الحزب غير وعود وبس.. وأرقام للصبح، إحنا قعدنا في مؤتمر في كفر الدوار مع جمال مبارك وأحمد عز، قبل انتخابات مجلس الشعب في حوالي منتصف ٢٠٠٥ يعني من سنتين، يوميها جمال مبارك قال لنا: إنتم القاعدة بتاعتنا، وإنتم أدري مننا باللي إنتم عايشين فيه، وإنتم اللي ح تختاروا المرشحين عن طريق المجمع الانتخابي. وعارف حصل إيه في النهاية اختاروا واحد كان حاصل علي أقل نسبة أصوات في المجمع الانتخابي.
يوميها كنت باسمع كلام جمال مبارك وكنت الوحيد اللي مصدق، قلت لنفسي راجل بيحضر نفسه يبقي رئيس جمهورية لازم أصدقه، وكل اللي حواليا واحنا قاعدين في المؤتمر عمالين يتنأوروا ويقولوا كلام هجص في هجص ومش ح يحصل اي حاجة من الكلام ده، و طبعا طلع عندهم حق وما حصلش أي حاجة. لكن تقول إيه؟ أصل البني آدم لازم يتقرص عشان يتوب.
قالوا لنا كمان إن إحنا ح نعمل اجتماع لجنة سياسات أول خميس من كل شهر -علشان نكمل مشوار أم كلثوم الله يرحمها- كل أمين وحدة حزبية يعرض مشاكل قريته للمناقشة مع المسؤولين التنفيذيين، مثلا بتوع الكهرباء، بتاع الطرق، عملنا الاجتماع ده مرة واحدة من ساعتها ، تصدق من سنتين يا راجل وما تكررش الاجتماع تاني أبدا، أم كلثوم استمرت عمرها كله تغني أول خميس من كل شهر والحزب الوطني ماعرفش يتنّيها، واحدة عاشت والتاني حيموت. أنا بأشتغل في الحزب تطوعي، ده أنا كمان زي ما قلت لك بأدفع فلوس من جيبي.
في القرية مافيش مقر للحزب، وطالبت أكتر من مرة، إنت عارف بأعمل الاجتماعات فين؟ في بيتي، ومراتي خلاص وجِّت من قولة الشاي والقهوة، باحاول أرفع الوعي السياسي عند الناس.. باحاول أشتغل في كارثة الصرف الصحي.. باحاول أفيد بلدي وناسي.. كل ده بأعمله ليه؟ علشان الواحد يشعر إن له قيمة، الواحد مننا محتاج يحس إنه بني آدم عنده قيمة مش بهيمة.
لكن للأسف الواحد مش حاسس إن له قيمة خالص. بس مصاريف وغرامة شاي وسكر وخلاص. كان عندي أمل أعرض مشاكل قريتي، وأوصل الآهات للمسؤولين في اجتماعات يوم الخميس اللي ما حصلتش. أحس إن لحياتي معني، لكنهم داسوا علي كل أمل جوّه الواحد.
شعرت لأول مرة منذ جلوسي معهم بوطأة المتاعب علي كاهل حسين، بدا أكبر سنا، تهدلت كتفاه وانحني من الأسي وخرج صوته هذه المرة خافتا خجولا: أنا من كام سنة لو كانوا قالوا لي ارمي نفسك في البحر علشان البلد ما كنتش حأفكر ثانيتين، النهارده لو ولّعت مش ح اتحرك من سريري.التفت إلي الداخل وصاح: الشاي يا جماعة

ماذا يجري في مصر؟ الكل يعرف.. ولا أحد يعرف

بقلم ضياء رشوان ١٣/٨/٢٠٠٧
ما الذي يجري بالضبط الآن في مصر؟ الكل يعرف ولا أحد يعرف في الوقت نفسه.
الكل يعرف أن فساداً هائلاً بات يجتاح وادي النيل وصحراوات مصر كلها، ويخترق كل قطاعات المجتمع والدولة رأسياً، من أدني قيعانها وصولاً إلي أقصي قممها، وأفقياً من طرفها القصي إلي طرفها القصي الآخر.
والكل يعرف أن ثمة احتكارا حقيقيا للسلطة في البلاد بين أيدي مجموعة قليلة من النخبة ترتبط ببعضها البعض بكل وشائج المصلحة والمصاهرة والمجاورة، وتمنع، بكل سبل التشريع الفاسد والإجراءات الاستثنائية أي مصري آخر من خارجهم من الاقتراب من مركز تلك السلطة.
والكل يعرف أيضاً أن المواطن المصري البسيط والمتوسط صاحب هذا البلد وممثل أغلبية شعبه، قد بات محاصراً في معيشته اليومية من كل جانب، فالتعليم المنهار يدمر عقول ومواهب أبنائه، بينما تتكفل البطالة المكتسحة بتدمير من سار منهم فيه إلي نهايته أو توقف في الطريق، وفي كل وقت يحاصره الغلاء المتوحش، ليجعل من توفير حاجات أسرته الأساسية هماً ثقيلاً يطبق علي روحه وقلبه في الصحو والمنام.
الكل يعرف أن مصر قد باتت بالفعل اليوم مصرين، لا علاقة لإحداهما بالأخري علي الإطلاق. مصر الأولي يمثلها «عتاة» رجال الأعمال وكبار مسؤولي وموظفي الدولة، وحولهم خدمهم وحاشيتهم من السماسرة مسهلي ومحللي صفقات الفساد المشبوهة، ومحترفي تفصيل التشريعات الباطلة وتطبيق الإجراءات الاستثنائية، ومبرري ومروجي فسادهم وسوء إدارتهم وظلمهم، ومسامريهم من مدعي الفن الهابط والأدب الرقيع والفكر الذي فيه كل الصفات إلا أن يكون فكراً.
والكل أيضاً يعرف مصر الثانية التي تمثلها الغالبية الساحقة من هؤلاء المصريين المهرولين وراء لقمة عيشهم ليل نهار، المحشورين في مساكنهم الضيقة غير اللائقة بالحد الأدني من الآدمية، هذا إذا توافر لهم من حيث المبدأ مسكن، واللاهثين في طرقات ومصانع وحقول وإدارات المحروسة، من أجل «الستر» الذي هو حلمهم الدائم والوحيد، والحالمين الآملين ليل نهار بوظيفة للابن بعد طول «بهدلة» في البحث عنها وبزواج «يستر» البنت بعد أن اجتاحت العنوسة كل البنات.
الكل يعرف وبوضوح أن مصر الأولي هي التي تتحكم في واقع ومستقبل مصر الثانية، بل بصورة أدق أنها هي التي خلقتها، وهي التي أنشأت هذين المصرين في خلال ربع القرن الأخير الذي اختطفت فيه هذا البلد واستولت علي كل ما فيه عنوة واقتداراً.
الكل يعرف أن قمة أهل مصر الأولي من «عتاة» رجال الأعمال وكبار مسؤولي الدولة قد أضحت اليوم مكونة من «الأبناء»، الذين ورثوا عن آبائهم كل شيء في مصر هذه ومعه مصر الثانية كاملة دون أن يعرفوا عنها وعن أبنائها وجغرافيتها وتاريخها شيئاً يذكر سوي أنها وأنهم «المتاع» الذي ورثوه عن هؤلاء الآباء.
هؤلاء الأبناء الذين تتسم ملامحهم بوسامة غير مصرية تنضح منها الحدة والتجهم وكثير من الاشمئزاز، تفضحهم نظراتهم وألسنتهم حين يرون شيئاً أو أحداً من مصر الأولي أو يتحدثون عنها فإذا بقلوبهم خلو من أي مشاعر حب أو حتي عطف لها ولأبنائها المسحوقين، أو هم في طريقهم للانسحاق، فهي غريبة عنهم وهم غرباء عنها فكيف يحبونها، أو تلين لها قلوبهم التي هي كالحجارة أو أشد قسوة؟
الكل بات يعرف أن هؤلاء الأبناء أصحاب مصر الأولي هم اليوم في سباق مع الزمن لكي يكملوا سيطرتهم علي كل شيء بقي في مصر الثانية بالخصخصة أو بالفساد أو بتعديل الدستور والقوانين أو بإحكام احتكار الحكم ونظامه لهم واستبعاد كل من يمت لمصر الثانية منه، فراحوا يدهسون في جريهم اللاهث مصر الثانية وأبناءها الذين راحوا يتساقطون تحت وطأة العطش والفقر والبطالة وأمراض الكلي والكبد والأوجاع النفسية والعوز والتفكك الأسري التي تلقي بفلذات أكبادهم إلي غيابة الشوارع والطرقات المتوحشة.
الكل يعرف كل ما سبق وأكثر منه عشرات بل مئات المرات، إلا أنه في الوقت نفسه لا أحد يعرف لماذا يسكت أهل مصر الثانية عليه وهم أصحاب هذا البلد والغالبية الساحقة من أبنائه والوارثون الحقيقيون له؟
لا أحد يعرف لماذا صبر أبناء مصر الثانية كل تلك السنوات علي اجتياح مماليك وخدام وندماء وقيان مصر الأولي المعزولة الغريبة عنهم، بلدهم وبيوتهم وأسرهم وأجسامهم ونفوسهم ليعيثوا فيها فساداً وتخريباً وتدميراً؟
لا أحد يعرف لماذا لا يظهر في بلدنا الأثر الطبيعي لاستفحال المظالم الاجتماعية والسياسية وسحق أغلبية الناس حتي يموت الكثير منهم، ويصبح الباقون شبه أحياء، والذي يأخذ، حسب علوم الاجتماع ودراساته وتجارب مختلف شعوب الأرض علي مر العصور، صور الرفض والغضب والانتفاض والثورة؟
ومع كل ذلك فلا أحد أيضاً يعرف ماذا يمكن أن يكون عليه شكل غضب أهل مصر الثانية إذا غضبوا ومتي وكيف ينفجر هذا الغضب، وإن بات الجميع اليوم يتوقعونه فجائياً عارماً مكتسحاً لحد التخريب والتدمير في أي لحظة.
الخلاصة هي أن أهل مصر الأولي من عتاة، رجال الأعمال وكبار مسؤولي وموظفي الدولة وخدمهم وحاشيتهم قد نجحوا خلال ربع قرن مضي من الزمان في تخريب ما استطاعوا تخريبه في هذا البلد، وهو كثير لا يعد، أما ما تبقي منه سالماً حتي اليوم فهو مرشح للتخريب علي أيديهم في كل لحظة إذا ما واصلوا سيطرتهم علي هذا البلد، أو علي أيدي أبناء مصر الثانية من المهرولين المحشورين اللاهثين الآملين إذا غضبوا، وهو ما يمكن أن يحدث في أي لحظة.

بقلم شارل فؤاد المصرى ١٢/٨/٢٠٠٧

القصة الأولي أن زميلا يبني منزلا في إحدي ضواحي القاهرة، اتصل مستنجداً، لأكلم له أحد رجال الشرطة ليساعده في إعادة ما سرقه اللصوص من منزله الذي لايزال تحت الإنشاء، وعندما سألته عن الذي تمت سرقته، قال بالحرف الواحد: «سرقوا سلك الكهربا من المواسير، أي والله»، المهم أنني اتصلت بأحد كبار الضباط الذي أحال زميلي إلي رئيس مباحث الحي الذي تمت فيه السرقة، والتقاه بوجه بشوش واعداً إياه بأن ذلك لن يحدث أبدًا، وبالفعل استدعي رئيس حرامية المنطقة وقام بشده أمام زميلي متوعداً إياه وإخوته - الحرامية طبعاً - بالويل والثبور وعظائم الأمور، ومؤكدًا له أن المنزل المسروق في مقام منزله، والغريب أن اللص وعد أنه سيقوم بحماية المنزل بنفسه بعد ذلك ولن يقترب منه أحد، وهنا قال الضابط موجهاً بصره وحديثه إلي زميلي: إديله ١٠٠ جنيه غفرة، أي أجر حراسة. الحكاية الثانية حدثت لزميل في إحدي الصحف الحزبية اليومية، حيث تمت سرقة سيارته في وضح النهار من أمام الجريدة، وكاد يفقد عقله وتكلم مع جميع الزملاء حتي يساعدوه في العثور عليها، كمجهود إضافي مع الشرطة التي تم إبلاغها بالسرقة، ولكن أحد الزملاء، قام بالاتصال برئيس حرامية المنطقة، الذي طلب منه مهلة لعدة ساعات بعد أن أخذ منه مواصفات السيارة، ليقوم بالاتصال بالحرامية في المنطقة، وجاء الفرج عندما أخبر رئيس حرامية المنطقة زميلنا بأن السيارة في الحفظ والصون، وأن كل المطلوب ١٠٠٠ جنيه حلاوة رجوع العربية، وأن حلاوته هو شخصياً متنازل عنها لزميلنا إكراماً منه له، وبالفعل تم تحديد ساعة معينة ومكان معين لوضع السيارة التي جاءت بالفعل كما هي دون أي أضرار، وقام زميلنا بدفع المبلغ الفدية، وكان سعيدا بعودة سيارته وطلب من زميلنا، الذي قام بالوساطة، إبلاغ تحياته الشخصية إلي رئيس حرامية المنطقة. الحكاية الثالثة حدثت مع والدي أطال الله عمره، عندما اتصل وأخبرني بأن لصاً تسلل إلي المنزل عبر سطح الجيران وسرق أنبوبة بوتاجاز، ولسوء حظ اللص أنه كان يقوم بتحميل الأنابيب - المسروقة طبعا - علي عربة كارو، فقام الجيران بسوق الحمار فقادهم إلي منزل اللص وأمسكوا به وذهبوا به إلي قسم الشرطة، ودون الدخول في التفاصيل، وبعد أن تدخل ولاد الحلال، تم التصالح مع اللص، الذي وعد أهله بإعادة ثمن الأنبوبة.. المهم أنني قلت لوالدي: لو أنك اتصلت بي في وقتها لنصحتك بمكالمة رئيس حرامية المنطقة، وكان أخد حلاوة إرجاع الأنبوبة.. وأكيد كان هيخدمنا ويرجعها

Friday, August 10, 2007

مقدمة كتاب « مهازلسـتان من المصري اليوم»

مهازلســـتان: هو اسمٌ رمزي لبلدٍ في قارةِ آسيا، وهو اسم يقوم علي دمج كلمتين إحداهما عربية وهي (مهازل) والأخري «أردية» وهي (ستان) ومعناها (بلاد) وهي ترجمة حرفية للاسم الرمزي الذي كان البريطانيون والفرنسيون المقيمون في (مهازلستان) يطلقونه علي هذا البلد، إذ كانوا يسمونه بالإنجليزيةarceland ، وكلمة Farce تعني بالإنجليزية وبالفرنسية أيضاً (الهزل) أو (المهزلة)، وبالتالي فإن (مهازلستان) ليست دولة خيالية مثل (يوتوبيا) التي تخيلها وكتب عنها الفيلسوف البريطاني توماس مور منذ قرون..
كذلك فإن الفارق بين (يوتوبيا) و(مهازلستان) فارقٌ رهيبٌ: فالأولي مدينة فاضلة تخيلها توماس مور وتخيل الحياةَ فيها مثاليةً في شتي جوانبِها وجميع صورِها.. أما (مهازلستان) فهي في كل صورها الحياتية ونظمها وعاداتها وأساليب العمل والحياة فيها محض ترجمة مطابقة لكل معاني وأبعاد اسمها (أرض المهازل). في مهازلستان صور من الفساد لا تخطر لأحدٍ ببال..
وصور من التزلفِ والنفاقِ والرياءِ لكلِ كبيرٍ ولأي كبيرٍ لا نظير لها في أي بلدٍ معاصرٍ أو في التاريخ، وفي مهازلستان قواعد للنجاح والتفوق والتألق لا علاقة لها بقواعدِ النجاح والتفوق والتألق في كل المجتمعات السوية: فإذا لم تكن إمعة وبلا رأي ومتفوقاً في التزلف وقصير القامة (معنوياً) ومجرداً من القدرات والمواهبِ وقادراً علي الموافقة علي الشيء ثم علي نقيضه..
إذا لم تكن متسلحاً بتلك الصفات فلا حظ لك في مهازلستان، فهي أرض أصحاب القامات المتوسطة ودون المتوسطة، وفي مهازلستان أجهزة إعلام رسمية لا نظير لها في الكون، فعندما يبلغ الكسادُ الاقتصادي أسوأ مراحله يتحدث لإعلام المهازلستاني عن النمو الاقتصادي المذهل لمهازلستان.. وعندما تنعدم فرص العمل أمام شباب مهازلستان وتستفحل البطالة يكتب الإعلامُ المهازلستاني مئات المقالات عن فرص العمل التي بالملايين.. وعندما يصبح الفساد مثل السوس الذي ضرب جذع الشجرة بأكمله يتفنن الإعلامُ المهازلستاني في الحديثِ عن عدم التردد في ضرب الفساد..
وفي مهازلستان علاقة غريبة لا مثيل لها في تاريخ العالم بين السلطة التنفيذية وطبقة لا مثيل لها أيضاً في العالم اسمها (طبقة كبار رجال الأعمال) ويمكن أن تكتب كتباً كاملة عن هذه العلاقة، وفي مهازلستان يخضع للقانون الصغار والضعفاء فقط: بدءاً من قانون المرور إلي أخطر القوانين أثراً، ولكن الإعلام المهازلستاني لا يتوقف عن الحديث عن (سيادة القانون في مهازلستان)، وفي مهازلستان تعاني أقليةٌ دينية ألف شكل من أشكال المعاناة ويخرج الإعلامُ المهازلستاني في كل مناسبة بصور رجال الدين من طوائف مختلفة متعانقين ويكررون أن كل ما يقال عن مشاكل الأقلية الدينية في مهازلستان هو من اختراع وتلفيق العالم الخارجي..
وفي مهازلستان شعور لا مثيل له بأن العالم الخارجي يحسد مهازلستان علي تاريخها وكنوزها ورجالها ولا يتوقف عن التآمر عليها بحجة أنه يخشي أن تحدث النهضة المهازلستانية التي ستجعل مهازلستان القوة العلمية والاقتصادية الكبري علي ظهر الأرض (رغم أَن «مهازلستان» لا تنافس أي أحد في أي مجال!)،
وفي مهازلستان يوجد موظفون عموميون رواتبهم في حدود ٣٠٠ دولار أمريكي في الشهر تمكنوا من أن يدخروا منها مبالغ تزيد في حالات عديدة علي مائة مليون دولار.. وفي مهازلستان لا يتوقف الإعلامُ عن الحديثِ علي استقلالِ القضاءِ واستقلال الإعلامِ، رغم أن كلَ مواطنٍ مهازلستاني يعلم أن الواقعَ علي خلافِ ذلك تماماً، وعندما كانت صورُ الفسادِ المهازلستاني تبلغ حدوداً تفوق كلَ التصوراتِ، كنتُ أرددُ بيتين رائعين للشاعرِ العظيم «خليل مطران» كنت أشعرُ أنه كتبهما وكأنه يتابع معي مسلسل الفساد المذهل في مهازلستان:
ما بين لصوصٍ ولصوصٍ
فرقُ في الأعلي والأدني
لصغارِهم الموت المزري
وكبارهم الشرف الأسني!
وفي الكتاب فصلٌ مضحكٌ (أو مبك) عن علاقةِ الإنسانِ المهازلستاني بالسلطِة وكبارِ المسؤولين والعكس (أي علاقةِ كبارِ المسؤولين بالمواطن المهازلستاني). ويبدأ هذا الفصلُ بقصة حقيقية، فقد ذهبتُ ذات يوم لمقابلةٍ مهمة مع مسؤولٍ مهازلستاني كبيرٍ وكان معي زميلٌ بريطاني،
ونظراً لأن معظمَ الحوارِ كان بين المسؤولِ الكبيرِ وعددٍ من مساعديه فقد كان باللغةِ الوطنيةِ (المهازلستانية). ولما كان الزميلُ البريطاني لا يعرف كلمةً واحدةً من هذه اللغة، فقد ركّز اهتمامهَ علي ما يسميه الإنجليز «لغة الأجساد» Body Language وبعد المقابلةِ قال الزميلُ البريطاني لي إنه بذلَ جهداً خارقاً ليمنع نفسَه من الانفجارِ في الضحكِ.. فقد كانت لغةُ الأجسامِ التي أمامَه شيئاً عجيباً لم يره من قبل، سواءً وهو يراقب المسؤول الكبير أو وهو يراقب مساعديه وهم يردون علي استفساراته..
يومئذ قال لي الزميلُ البريطاني إن تصويرَ مشاهدٍ كالمشهدِ الذي راقبه قرابةَ الساعة يمكن أن يعود علي مصوريها بالملايين، لأن العالمَ سيشاهد سينما كوميدية صامتة لا نظير لها في الكونِ!.. ومازلت أذكر وصفَ زميلي البريطاني لحركةِ أجسادِ مساعدي المسؤول الكبير وهي تتحرك بكيفية وصفها بأَنها تشبه التواءات المتورط فيزيقياً تحت ضغطٍ شديدٍ من الطبيعةِ!
وفي مهازلستان خصلةٌ اجتماعيةٌ لا مثيل لها في العالم، فالكبير الذي يترك موقعه يعامله المجتمعُ معاملةً مزريةً عامرةً بالتجاهل والجحود والنكران ـ وهي المعاملة التي وصفتُها في فصلٍ كاملٍ في هذا الكتاب: وهي معاملة لا مثيل لها في حالاتِ الشعوبِ الأُخري ـ إذ يصبح «السيد سابقاً» مجرد «لا شيء»: «حشرة منسية علي فرعٍ يابس لشجرة الحياة»!..
وتصيب كلَ «سيد سابق» حالة من التقزم الأدبي والمعنوي أسهبتُ في وصفها في فصلٍ بعنوان (مهازلســتان.. وفنون الجحود والنكران)، وفي هذا الفصل عرض لقصة حقيقية وقعت للقائد العام السابق لجيوش مهازلستان عندما أوقفه حارس أحد النوادي الرياضية للضباط، وعندما قال له القائدُ العام السابق إنني المارشال «فلان» القائد العام الأسبق للجيش، قال له الحارس: ولكن المارشال «فلان» مات!.. فقال له المارشال: صدقت! ففي مهازلستان تستوي الكلمتان : «كان» و«مات»!
وفي الكتابِ فصلٌ بعنوان (ثنائية الغباء والأمانة)، ففي مهازلستان معادلةٌ شائعةٌ حيث ينقسم شاغلو الوظائف العمومية (بدرجةٍ واضحة) إما إلي أمناءٍ أغبياءٍ أو أذكياءٍ غير شرفاءٍ، ويضرب هذا الفصلُ عشرات الأمثلة علي الطائفتين، ويتضمن هذا الفصلُ قصةَ ارتفاع السيد «ك.أ» من «السفحِ» إلي «السطحِ»: والسيد «ك.أ» هو نموذج لتلك الخلطة الرائجة في العالمِ الثالثِ من عبقريةِ الوصوليةِ (!) وإبداعِ الفسادِ (!) وتوحش النهمِ الأسطوري علي الاستحواذ علي أي شيء: من آلاف قليلة يحصل عليها السيدُ «ك» لإدخال أبناء الفقراء الكليات العسكرية إلي الملايين التي يحصل عليها لدخولِ البرلمان!
ويتعرض أحدُ فصول الكتاب للجانب الإيجابي الوحيد الذي تبقي في شخصيةِ الشعبِ المهازلستاني والمتمثلة في القدرةِ علي إنتاجِ نهرٍ عارمٍ من النكاتِ عن حكامِه ومشاهير مجتمعِه وأوضاعِه بل وعن نفسه.
وإذا كانت «الغيرةُ» في كل مجتمعاتِ الدنيا أكثر ذيوعاً بين النساءِ، فإن «مهازلستان» تقدم حالةً استثنائية: فالغيرةُ بين رجالِها قصةٌ فريدةٌ !.. لاسيما بين الشخصياتِ العامةِ، وإذا كانت «غيرةُ النساءِ» في أساِسها متعلقةً بالجمالِ ـ فإن غيرةَ الرجالِ المهازلستانيين أكثر تعقيداً: فهي غيرة تنبع مرةً من «المنصبِ» ومرةً من «الشهرةِ» ومرةً من «العلمِ والثقافةِ» ومرةً من «الثروةِ» ومراتٍ من «الهيئِة»!
فرجالُ مهازلستان في الغالبِ الأعم قصار القامة.. سوادهم الأعظم «من الصلع»!.. وملامحهم لا علاقة لها بأي نوعٍ من أنواعِ وسامةِ الرجالِ..! وتعمل كلُ هذه العناصر معاً علي خلق ُمناخٍ من الغيرةِ والحروبِ الشخصيةِ ودرجاتٍ من الغل خصصتُ لها فصلاً كاملاً بعنوان «مشتقات حرف الغين» (غل.. غيرة.. غيظ.. غليان.. غدر.. غبن).
وأنهي هذه المقدمة بالكلمة الختامية التي أكملت بها هذا الكتاب:
إن معضلة شعب مهازلستان الكبري اليوم أنه بين شقي الرحي: بين آثار عملية غسيل المخ التي قامت بها أجهزة الإعلام المهازلستانية التي تفوقت علي أجهزة جوبلز النازية في حرفية غسيل العقول وبين إصرار نظام الحكم في مهازلستان علي عدم دمقرطة الحياة السياسية، ونظام الحكم في مهازلستان عازم علي إعاقة عملية دمقرطة الحياة السياسية في مهازلستان، لأن استمرار الأوضاع علة ما هي عليه يضمن له ثلاث غنائم في وقت واحد:
ـ إذ يبقي الشعب المهازلستاني علي حالته الراهنة يوجه أصابع الاتهام (ليل نهار لمتآمرين في الخارج (علي رأسهم الإمبريالية الأمريكية وحلفاؤها) ولكنه لا يوجه إصبع اتهام واحد (ولو لمرة واحدة) لحكامه الطغاة الفاسدين.
ـ إذ يضمن نظام الحكم المهازلستاني أن غايته الأولي (والأهم) ستتحقق (وتتمثل هذه الغاية في استمرار الحكام في الحكم لعقود أخري إما بأنفسهم أو من خلال من يورثونهم السلطة).
ـ إذ يضمن نظام الحكم المهازلستاني عدم حدوث تداول للسلطة السياسية بما سيأتي معه من فتح لملفات عهدهم وما اكتنف هذا العهد من طغيان وفساد.
لذلك فإنه لا داعي لتعجب البعض (من المراقبين) من فرط قوة قيادة جهاز الإعلام في مهازلستان: فهو (أسوة بالجيش والشرطة) أداة تحقيق المراد وبقاء الحكام علي سدة الحكم عقوداً أخري مديدة.
ويتكون هذا الكتاب «مهازلســـتان» من عشرةِ فصول في نحو أربعمائة صفحة تغطي تفاصيل تراجيديا (ربما «كوميديا») الحياة في مهازلستان ـ والكتابُ يهدف، لأن يسجد كلُ مصري شاكراً لله، لأننا في (مصرَ) ولسنا في (مهازلســـتان).

Tuesday, August 07, 2007

اتفرج على الحياة و التقسيم

تدرس إدارة الفحص والتحقيق في جهاز الكسب غير المشروع ملفات الذمة المالية لـ٣٥ مليونيراً، معظمهم موظفون في الحكومة، لا يتجاوز راتب الواحد منهم بضع مئات من الجنيهات شهرياً، ومع ذلك أودعوا ما يقرب من ٤٠ مليون جنيه لدي شركة توظيف أموال، واتهموا أصحاب الشركة بالاستيلاء عليها.
مليونيرات الحكومة، الذين يعملون في قطاعات جماهيرية وخدمية تتراوح وظائفهم بين التدريس في وزارة التربية والتعليم، والعمل كموظفين أو فنيين أو حتي عمال في شركات الكهرباء والغاز ومرفق المياه والسكك الحديدية، تقدموا جميعاً ببلاغات للنيابة العامة، يتهمون فيها خالد وطارق وأحمد دياب، أصحاب شركة توظيف الأموال، بالتوقف عن صرف الأرباح عن ملايينهم أو رد تلك الملايين، بعد الاتفاق علي توظيفها في تجارة المواد الغذائية والأعشاب الطبية، مقابل أرباح شهرية.
تمكنت المباحث بالفعل من القبض علي المتهم الأول خالد دياب أحمد، وأحيل إلي النيابة، التي أمرت بحبسه احتياطياً علي ذمة القضية، لكن أثناء التحقيق معه، أكد أن المبلغين من الخاضعين لتحقيقات جهاز الكسب غير المشروع، لذلك تقرر استدعاؤهم للتحقيق، واعترفوا في التحقيقات بصحة المبالغ التي أودعوها عند أصحاب الشركة، لكنهم أكدوا أن المبالغ الضخمة التي أودعوها في شركة توظيف الأموال حصلوا عليها من مصدر عملهم.
ناصر. م، وهو عامل بشركة كهرباء القاهرة، علي قائمة المودعين الـ٣٥ الأكثر ثراء، فقد شكا من أنه أودع بمفرده ١٠ ملايين جنيه، بينما يعتبر خالد. م، وهو عامل آخر، الأفقر بين المودعين بمبلغ ١٤٠ ألف جنيه فقط، يطالب به شركة توظيف الأموال، وبينهما ثلاثة عمال آخرون هم: محمود. م، عامل بشركة كهرباء القاهرة «١٧٢ ألف جنيه»، ومحمود. ح، عامل بشركة المعصرة للصناعات الهندسية «٢١٠ آلاف جنيه»، وفوزي. ف، عامل بالشركة نفسها «٢٣٠ ألف جنيه».
هناك أيضاً ٥ مدرسين أودعوا مبالغ تتراوح بين ٩ ملايين وربع مليون جنيه لدي شركة توظيف الأموال، واحتلوا بذلك المرتبة الثانية في الإيداع بعد عمال شركة الكهرباء.
ماهر. ع، مدرس بوزارة التربية والتعليم، أودع بمفرده ٩ ملايين و٤٠٠ ألف جنيه لدي الشركة، فيما أودع مليوناًمدرس آخر و١٠٠ ألف.
وكانت المرتبة الثالثة للإيداع من نصيب بعض العاملين في مرفق مياه القاهرة الكبري، حيث أودع موظف بالمرفق، يدعي حسن. م، ٣٦٠ ألف جنيه، وأودع مهندس بالمرفق، يدعي صفوت. ح، مليوني جنيه.
أما باقي المودعين، فبينهم مهندس بالمشروعات الهندسية والمعمارية «٨.٤ مليون جنيه»، وموظفة بجامعة حلوان «نصف مليون جنيه».

Monday, August 06, 2007

بدون تعليق من جريدة الأهرام

الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب ورئيس احدي الجامعات الخاصة يري أننا ننفق اموالا في مجال التعليم ولانستثمرها فالتعليم الجامعي في مصر هو ارخص تعليم علي مستوي العالم ولكن لاتوجد لدينا خطة شاملة لربط التعليم بالتشغيل أما بالنسبة لقرار وزير الصحة بالحد من التكليف أو ايقافه فهو يجب أن يرتبط بمعدلات القبول في كليات الطب لأن الدولة تحاول حاليا الانسحاب من بعض الالتزامات الزائدة ومن بينها الالتزام بتشغيل خريجين وهو الأمر المعمول به في كثير من دول العالم لكننا إذا واجهنا الطلاب من البداية بأنه لاعلاقة بين الحصول علي الشهادة الدراسية والتزام الدولة بالتعيين فاننا بذلك نقوم بعملية فك اشتباك حقيقية بين عناصر عديدة متشابكة لذلك فلابد من القيام بدراسة مستفيضة للخبراء والمعنيين لتزويد السياسة التعليمية بمتطلبات التشغيل والبحث العلمي‏

الدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم والبحث العملي بمجلس الشوري ورئيس احدي الجامعات الخاصة يري أن الأمر بالنسبة للجامعات الحكومية يخضع لآليات السوق فيما يتعلق بالعرض والطلب ولكن ينبغي إطلاق الحد الأدني للقبول بالجامعات الخاصة

Saturday, August 04, 2007

إنجاز و مشروع ضخم


أطفال مصر المشردون











مراسل " كريستيان ساينس مونتور " في القاهرة: أطفال مصر المشردون يتمتعون بالقناعة والرضا رغم أنهم قد لا يذوقون الطعام ليوم كامل


كتب احمد حسن بكر(المصريون) : بتاريخ 3 - 8 - 2007


رصدت كريستيان ساينس مونتور في تقرير مطول أمس الجمعة لمراسلها في القاهرة جويل كارليت أحوال الأطفال المشردين في القاهرة بعد أن وصل إليها بعد منتصف احد الليالي قادما من الأقصر بقطار الدرجة الثالثة الذي اكتظ بفقراء العمال من جنوب الوادي الذين قدموا للقاهرة بحثا عن لقمة العيش في القاهرة .
وقد أعطى مراسل الكريستيان ساينس مونتور تقريره عنوانا يقول " في هذه الرحلة إلى مصر الشحاذون هم الذين أعطوا " .
في البداية يصف كيف انه انحشر في احد عربات قطار الدرجة الثالثة يجلس القرفصاء يسند ذقنه على قدميه ومن حوله المئات يصارعون من اجل أن يجدوا لهم مكانا وقوفا , بينما يسير القطار نحو القاهرة , وعندما يصل القاهرة كانت الساعة الواحدة صباحا , فتوجة الى ميدان التحرير قاصدا إحدى محلات الوجبات الجاهزة , وبينما يهم بفتح باب المطعم يهجم علية طفلان مشردان من أطفال الشوارع بالقاهرة طالبين أن يشترى لهما سندوتشا .
وعندما سألهما جويل عن أخر وجبة تناولوها قالا له انهنا لم يتناولا طعاما منذ 16 ساعة, ويقول المراسل انه بسبب كثافة السيارات المتوقفة والضوضاء ما كان له أن يلاحظهما , ولكن بعد أن قدما إليه يطلبان الطعام ليسدا به رمقهما صار لا يرى في ميدان التحرير إلا هما فقط ,
ويضف جويل قائلا" رغم انه عاش في مصر لمدة عام و طلب منه المئات من الشحاذين نقودا إلا انه لم يتحرك ولم يستجب لهم كما استجاب لهذين الطفلين , حيث بدا مطلبهما للطعام صادقا ويعبر عن ضعف إنساني حقيقى" .
ويطلب جويل من الطفلين الانتظار لحين شراء بعض ساندويتشات الهامبورجر لهما, وفى نفس الوقت بدا يتذكر اياما مرت به كان لا يتناول بعض الوجبات لأن ميزانيته لم تكن تسمح بذلك .
قدم جويل للطفلين سندوتشين من الهامبورجر , وكما يقول " تغلبت على بخلى واشتريت لهما كيسا من رقائق الشيوكولاته ليقسماه على بعضهما , وقال لقد رفض الطفلان دعوتى لهما أن يدخلا المطعم الأنيق ليأكلا معى على نفس الطاولة , بكى الطفلان وقالا لم نتعودا أن ندخل مثل هذه الأماكن الأنيقة لنأكل , وأصرا أن أعطيهما السندوتشين ليأكلا خارج المحل رغم برودة الجو حيث كان الوقت هو شهر يناير.
ويقول جويل أن الطفلين بمجرد أن امسكا بالسندويتشات أمطرانى بالدعاء أن يباركني الرب ويحفظني لمدة نصف دقيقه كاملة .
وعندما حاول جويل أن يعطيهما رقائق الشيوكولاته رفضاها أكثر من 6 مرات لا لأنهما لا يحبانها وإنما قالا إن هذا أكثر من اللازم .
جويل جلس بجانبهما على الأرض ونظر فى عيونهما وقال عجبا لطفلين معدمين لا يطلبان أكثر من حاجتهم فقط . إنها القناعة , وقال جلست ارجوهما أن يأخذا الشيكولاتة , وأخيرا قبلا طلبي .
ويقول رغم أنى رأيت الأهرامات ومعبد الكرنك والكثير من عجائب مصر , فلم انبهر كما انبهرت من سلوك طفلين معدمين امتلأت نفسيهما بالقناعة وقاوما رغبتيهما فى تناول قطعه شيكولاتة لا لشى الا لعزة فى نفسيهما وخجل وإحساس أنهما لو أخذاها فإنهما يكونا بذلك قد أخذا أكثر مما يستحقا .
ويقول جويل إن هذين الطفلين المعدمين علماه درسا وهو الرجل الغنى الذي جاء من الغرب , وانه كثيرا ما يتذكر الطفلين وتلك الليلة.
ويقول جويل رغم مرور 5 سنوات على تلك ألليله إلا انه مازال يدعو الله لهذين الطفلين أن يباركهما , لأنهما ورغم أنهما لم يكونا يملكان شيئا فإنهما أعطياه ما هو أعظم فلقد اغنيا خواءه الروحى وأعطياه قلبا طيبا