ومن عدد السبت لجريدة الدستور اليومية نقرأ لبلال فضل حول التناقض الصارخ واللاإنساني بين شرم الشيخ الرئاسية .. وكفر الشيخ التي تموت عطشا.. هي قصة مصر .. بين قلة لديها كل شيء .. وأغلبية مطحونة لا تجد حتى ماء للشرب .. نقرأ : (فى مصر اليوم شيخان ، تتجلى فى صورتيهما الواقع الملتبس الذي تعيشه مصر. شيخ شرم البلاد والعباد بتخبطه وعشوائية سياساته التي يتبع فيها منهج عبد الحليم حافظ ه جئت لا اعلم من أين ولكني أتيت .. ولماذا لست أدرى.. لست أدرى». وشيخ كفر من الفقر والقهر والغلب من حياته التي تسير طبقا لمنهج فيروز "عشرون عاما وأنا احترف الحزن والانتظار.. انتظر الآتي ولا يأتي".شرر الشيخ البلاد باسطوانات الاستقرار والبنية الأساسية والإصلاح التدريجي والريادة والدور المحوري والتوازن الخارجي، اسطوانات ظلت دائرة كما يدور كأس الموت على العباد، حتى كفر الشيخ الذي رأى ركودا لا استقرارا ولم يفهم لماذا لا يكون الإصلاح شاملا كالفساد ولم يشهد ريادة إلا فى التخلف والقمع والفرص الضائعة ولم يعش الدور المحوري إلا فى طوابير العيش بعد أن عز الغموس ولوينشغل بالتوازن الخارجي كثيرا بسبب دوار رأسه من الاختلال الداخلي.شرم الشيخ وكفر الشيخ . انحاز نظام مبارك للأولى فثارت عليه الثانية لم تكن تلك مصادفة بقدر ما كانت رسالة تبعث عن قارئ حصيف يعي ويدرك . منذ أسابيع قالها الرئيس وهو يرفض مشروع الجسر الحيوي بين مصر والسعودية إنه لن يسمح لأحد بأن يعبث بشرم الشيخ ، تصريح ربما لم يسمعه الذين ثاروا فى كفر الشيخ ، ربما لأنهم ناموا قبل نشرة تسعة لأن أجسادهم كانت منهكة من البعث عن المياه طيلة اليوم ، ربما فضلوا أن يبحثوا فى الوصلة عن ماتش أو تمثيلية أو كليب عاري لكي يبلوا ريقهم الذي نشفه الفقر الجديد، وربما فضلوا أن يكتفوا بمشاهدة قناة «الناس » دون غيرها لأن باقي القنوات قد تستثير شهواتهم فتدفعهم إلى حميم البحث عن ماء الحموم ، وربما شاهدوا
التصريح عمدا أو صدفة فأجج فيهم السخط على ذلك الانحياز السافر إلى شرم الشيخ ، فقضوا ليلهم يسألون عن الذي يجعل العبث بشرم الشيخ حراما ويجعل العبث بكفر الشيخ جائزا أن لم يكن مستحبا .دعك من كل هذه "الربماهات" فالمؤكد الذي نعلمه جميعا هو أن سيدنا أبو ذر الغفاري ظهر أخيرا فى كفر الشيخ . عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ، وأهل البرلس فى كفر الشيخ لم يجدوا ماء يومهم ولا أسبوعهم ولا شهورهم فخرجوا على الطريق الساحلي شاهرين جرادلهم العطشى ومراكبهم المرهقة وفقرهم المدقع فى وجوههم الشاحبة وأجسادهم المنهكة من فرط الإنجازات . هل هي مصادفة أن يحدث ذلك فى محافظة يحكمها رئيس مباحث امن الدولة السابق الذي رأى فيما فعله الناس إساءة لسمعة المحافظة لكنه لم ير فى سفهم التراب وتمنيهم الحموم إساءة لكرامة الإنسان . هل هي مصادفة أن يسوق القدر إلى موقع ثورة العطاشى مطرب الرئيس المفضل محمد ثروت دون غيره ، هي رسائل القدر لا ريب ولكن من يقرأ. تتابع التفاصيل المتاحة عن الخروج الكبير في كفر الشيخ وتسأل نفسك هل يصح أن يفرح المرء بخروج كهذا ؟ تكون كاذبا لو قلت نعم على إطلاقها، من بالله عليكم يفرح أنه يعيش فى غابة ؟ لكن هل العيب على من قرر يأخذ حقوقه غلابا، أم على من منع نيل المطالب وقبله منع التمني؟.)
ـ ومن نفس عدد الدستور نقرأ لفهمي هويدي في سياق مشابه.. هو أن الوجود الرئاسي في مكان يمثل كارثة من زاوية ما.. لا نحتاج لتفسير أكثر من ذلك .. فعند فهمي هويدي الشرح الوافي ونقرأ : (لا أستبعد الخبر الذي نشر عن صدور قرار من الأمن بإخلاء 460 شقة
بمحاذاة الشاطئ فى برج العرب ومنع إشغالها ، لأنها قريبة من استراحة الرئيس التي يقضى فيها بضعة أسابيع فقط كل عام . فقد اعتدنا هذا الإسراف الشديد فى الاحتياطيات الأمنية ، الذي عادة ما يصيب القاهرة بالارتباك والشلل كلما ذهب الرئيس مبارك أو أحد أفراد أسرته إلى أي مكان بالمدينة ، لكن هذه الواقعة بالذات ذكرتني بقصة حدثت أثناء زيارة المستشار الألماني الأسبق «هيلموت كول » لمصر فى منتصف التسعينيات – ذلك أن الرجل أبدى رغبة فى زيارة أسوان يبدو أنها لم تكن مدرجة فى البرنامج ، فتم ترتيب الأمر على وجه السرعة ، واستقر الرأي على حجز طابقين له وللوفد المرافق له فى فندق "كتراكت" الشهير هناك ، وإزاء ذلك اضطرت غدارة الفندق إلى إخلاء الطابقين والاعتذار للسياح الذين كانوا يشغلون حجراتهما، بعدما تم حجز غرف بديلة لهم فى فنادق أخرى، وشاءت المقادير أن يكون بين أولئك السياح سيدة ألمانية تكدرت حين طلب منها الفندق إخلاء
غرفتها، ألا أنه لم يكن أمامها سوى أن تمتثل للقرار، وفى أثناء خروجها مع غيرها من السياح من الفندق ، كان موكب المستشار الألماني قد وصل ، فانتظرته حتى ترجل ، وخاطبته قائلة : إنه تسبب فى إزعاجها وإفساد رحلتها لأنهم بسببه اضطروها إلى ترك غرفتها ومغادرة الفندق الذي اعتادت أن تقيم فيه كل شتاء، وبسبب ذلك فإنها لن تعطيه صوتها فى الانتخابات الألمانية المقبلة ، أنصت إليها "هيلموت كول" حتى روت له قصتها ، وبعد أن تفكر لحظة ، استدعى احد مرافقيه وطلب منه أن يبلغ إدارة الفندق بأن السيدة ستنضم إلى الوفد الألماني الزائر، وأنها ستعود إلى ذات الغرفة التي كانت تشغلها فى ذات الطابق الذي خصص للوفد الرسمي.مازلت أذكر هذه القصة ، التي عبرت عن مدى حساسية المستشار الألماني وحرصه على ألا يخسر صوت مواطنة ألمانية أو يفسد عليها سياحتها، ولا أظن أن السيد كول اصطنع هذا الموقف لإبهار السائحين الآخرين الذين وقفوا مدهوشين وصفقوا طويلا للرجل ، كما أنني لا أظن أنه أراد أن تصل الرسالة إلى الصحافة الألمانية لكي تشيد بتسامح السيد المستشار وسعة صدره ولمسته الإنسانية التي تمثلت فى حنوه على أبناء شعبه ، إلى غير ذلك من الأصداء التي قد تخطر على بالنا ويطنطن بها إعلامنا نحن الذين يصعب علينا تصديق الحقيقة فى الأمر، وهي أن الرجل تصرف على ذلك النحو لأنه يعلم أن الشعب الألماني هو الذي اختاره ، وان شرعيته الحقيقية مستمدة من رضاء الشعب عنه ، وهذه السيدة واحدة من أبناء ذلك الشعب الذي يتعين عليه أن يسعى باستمرار لكسب تأييده ورضاه . )
Wednesday, July 11, 2007
من المصريون
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment